معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

قوله عز وجل :{ وما أرسلناك إلا كافة للناس } يعني : للناس أحمرهم وأسودهم ، { بشيراً ونذيراً } أي : مبشراً ونذيراً ، { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } وروينا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " . وقيل : كافة أي : كافاً يكفهم عما هم عليه من الكفر ، والهاء للمبالغة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

28

( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، ويقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ? قل : لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون ) . .

يجيء هذا البيان بعد الجولة الماضية ، وما فيها من تقرير فردية التبعة ؛ وأنه ليس بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل إلا الدعوة والبيان ، وأمرهم بعد ذلك إلى الله .

ويتبعه هنا بيان وظيفة النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وجهلهم بحقيقتها ؛ واستعجالهم له بما يعدهم ويوعدهممن الجزاء ؛ وتقرير أن ذلك موكول إلى موعده المقدور له في غيب الله :

( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ) . .

هذه هي حدود الرسالة العامة للناس جميعاً . . التبشير والإنذار . وعند هذا الحد تنتهي ؛ أما تحقيق هذا التبشير وهذا الإنذار فهو من أمر الله :

( ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

يقول تعالى لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه{[24340]} : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ{[24341]} } : أي : إلا إلى جميع الخلق من المكلفين ، كقوله{[24342]} تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } [ الأعراف : 158 ] ، { تَبَارَكَ الَّذِي نزلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } [ الفرقان : 1 ] . { بَشِيرًا وَنَذِيرًا } أي تبشر{[24343]} مَنْ أطاعك بالجنة ، وتنذر مَنْ عصاك بالنار .

{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } ، كقوله{[24344]} تعالى : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] ، { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ الأنعام : 116 ] .

قال محمد بن كعب في قوله : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ } يعني : إلى الناس عامة .

وقال قتادة في هذه الآية : أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم ، فأكرمُهم على الله أطوعهم لله عز وجل .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبد الله الظهراني ، حدثنا حفص بن عمر العَدَني ، حدثنا الحكم - يعني : ابن أبان{[24345]} - عن عِكْرِمة قال : سمعت ابن عباس يقول : إن الله فضل محمدًا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء . قالوا : يا بن عباس ، فيم فضله الله{[24346]} على الأنبياء ؟ قال : إن الله قال : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ } ، فأرسله الله إلى الجن والإنس .

وهذا الذي قاله ابن عباس قد ثبت في الصحيحين رَفْعهُ عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر . وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل . وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي . وأعطيت الشفاعة . وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة " . {[24347]}

وفي الصحيح أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بعثت إلى الأسود والأحمر " {[24348]} : قال مجاهد . يعني : الجن والإنس . وقال غيره : يعني : العرب والعجم . والكل صحيح .


[24340]:- في ت: "صلى الله عليه وسلم".
[24341]:- في ت: "للناس بشيرا".
[24342]:- في ت ، س: "لقوله".
[24343]:- في س: "يبشر".
[24344]:- في ت ، س: "لقوله".
[24345]:- في ت: "روى ابن أبي حاتم بإسناده".
[24346]:- في ت ، س: "فما فضله".
[24347]:- صحيح البخاري برقم (335) وصحيح مسلم برقم (521).
[24348]:- وهو قطعة من حديث جابر السابق عند مسلم في صحيحه برقم (521).