تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

24

{ وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .

المفردات :

كافة للناس : لجميع الناس عربهم وعجمهم .

بشيرا : للمؤمنين بالجنة .

ونذيرا : للكافرين بالنار .

التفسير :

أرسل الله كل رسول إلى قومه وختم الله الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم فجعل رسالته عامة للعرب والعجم والإنس والجن وتضمنت رسالته عوامل خلودها بما اشتملت عليه من الأصول الصحيحة في العقيدة والعبادات والمعاملات واليسر والحق على الاجتهاد والاستنباط فيما لم يرد فيه نص .

والمعنى : لقد جعلنا رسالتك عامة للناس أجمعين تبشر من أطاعك بالجنة وتنذر من عصاك بالنار ولكن أكثر لا يعلمون حقيقة رسالتك فيكذبوك ولا يهتدون بهدايتك .

قال تعالى : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } . ( يوسف : 103 ) .

وقد دل القرآن على عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس أجمعين كما دلت على ذلك السنة المطهرة .

قال تعالى : { قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا . . . } ( الأعراف : 158 ) .

وقال تعالى : { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } . ( الفرقان : 1 ) .

وقال ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم عن الله فضل محمدا على أهل السماء وعلى الأنبياء قالوا يا ابن عباس فبم فضله الله على الأنبياء ؟ قال رضي الله عنه إن الله تعالى قال : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم . . . } ( إبراهيم : 4 ) وقال للنبي محمد صلى الله عليه وسلم : { وما أرسلناك إلا كافة للناس . . . } فأرسله إلى الجن والإنس .

قال ابن كثير : وهذا الذي قاله ابن عباس قد ثبت في الصحيحين عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وأرسل كل نبي إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة " . x

وأخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بعثت إلى الأسود والأحمر " xi قال مجاهد يعني الجن والإنس وقال غيره يعني العرب والعجم أه .

وقال القاسمي في تفسيره : والتحقيق في معنى عموم إرساله وشمول بعثته هو مجيئه بشرع ينطبق على مصالح الناس وحاجاتهم أينما كانوا وأي زمان وجدوا مما لم يتفق في شرع قبله قط ، ولهذا ختمت النبوات بنبوته صلى الله عليه وسلم أه .