فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

{ وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون 28 }

وما بعثناك إلا للناس عامة ، فلست مبعوثا إلى قومك دون غيرهم ، نقل عن ابن عباس : إلى العرب والعجم وسائر الأمم ، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما عن قتادة أنه قال في الآية : أرسل الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم ، فأكرمهم على الله تعالى أطوعهم له ، { بشيرا } بالرفعة والتمكين والنعيم لمن صدق واتقى ، { ونذيرا } بالخزي والنكال والجحيم لمن كذب وعصى ، ولكن الكثيرين يتعامون ويتصامون ، أو يكابرون ويجحدون ، وهي سنة الله تعالى أن يقل الطيب ويكثر الخبيث ، يشهد لذلك قول المولى- تبارك اسمه- : )وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله . . ( {[3754]} )وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين( {[3755]} ، مما جاء في عموم رسالته صلى الله عليه وسلم قول الحق تبارك وتعالى : )قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا . . ( {[3756]} )تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا( {[3757]} .

ومما جاء في حديث جابر الوارد في الصحيحين قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : " وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " ، بل وهو مبعوث الله جل علاه إلى الجن كذلك ، فسورة الجن برهان على ما نقول ، وكفى بالله شهيدا( . . فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا . يهدي إلى الرشد فآمنا به . . ( {[3758]}( وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا( {[3759]} ) وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا . وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا( {[3760]} .


[3754]:سورة الأنعام. من الآية 116.
[3755]:سورة يوسف. الآية 103.
[3756]:سورة الأعراف. من الآية 158.
[3757]:أول سورة الفرقان.
[3758]:سورة الجن. من الآية 1 ومن الآية 2.
[3759]:سورة الجن. الآية 13.
[3760]:سورة الجن. الآيتان: 14، 15.