معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

قوله تعالى : { إنهم إن يظهروا عليكم } أي : يعلموا بمكانكم { يرجموكم } قال ابن جريج : يشتمونكم ويؤذونكم بالقول . وقيل : يقتلوكم ، وقيل : كان من عاداتهم القتل بالحجارة وهو أخبث القتل . وقيل يضربونكم ، { أو يعيدوكم في ملتهم } أي : إلى الكفر { ولن تفلحوا إذاً أبداً } إن عدتم إليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً )

وهم يحذرون أن ينكشف أمرهم ويعرف مخبؤهم ، فيأخذهم أصحاب السلطان في المدينة فيقتلوهم رجما - بوصفهم خارجين على الدين لأنهم يعبدون إلها واحدا في المدينة المشركة ! - أو يفتنوهم عن عقيدتهم بالتعذيب . وهذه هي التي يتقونها . لذلك يوصون الرسول أن يكون حذرا لبقا : وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا . إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا . . فما يفلح من يرتد عن الإيمان إلى الشرك ، وإنها للخسارة الكبرى

وهكذا نشهد الفتية يتناجون فيما بينهم ، حذرين خائفين ، لا يدرون أن الأعوام قد كرت ، وأن عجلة الزمن قد دارت ، وأن أجيالا قد تعاقبت ، وأن مدينتهم التي يعرفونها قد تغيرت معالمها ، وأن المتسلطين الذين يخشونهم على عقيدتهم قد دالت دولتهم ، وأن قصة الفتية الذين فروا بدينهم في عهد الملك الظالم قد تناقلها الخلف عن السلف ؛ وأن الأقاويل حولهم متعارضة ؛ حول عقيدتهم ، وحول الفترة التي مضت منذ اختفائهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

وقوله : إنّهُمْ إنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ يعنون بذلك : دقينوس وأصحابه قالوا : إن دقينوس وأصحابه إن يظهروا عليكم ، فيعلموا مكانكم ، يرجموكم شتما بالقول ، كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : إنّهُمْ إنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ قال : يشتموكم بالقول ، يؤذوكم .

وقوله : أوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلّتِهِمْ يقول : أو يردّوكم في دينهم ، فتصيروا كفارا بعبادة الأوثان . وَلَنْ تُفْلِحُوا إذًا أبَدا يقول : ولن تدركوا الفلاح ، وهو البقاء الدائم والخلود في الجنان ، إذن : أي إن أنتم عُدْتم في ملتهم . أبدا : أيام حياتكم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

جملة { إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم } علة للأمر بالتلطف والنهي عن إشعار أحد بهم .

وضمير { إنهم } عائد إلى ما أفاده العموم في قوله : { ولا يشعرن بكم أحداً } ، فصار { أحداً } في معنى جميع الناس على حكم النكرة في سياق شبه النهي .

والظهور أصله : البروز دون ساتر . ويطلق على الظفر بالشيء ، وعلى الغلبة على الغير ، وهو المراد هنا .

قال تعالى : { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء } [ النور : 31 ] وقال : { وأظهره الله عليه } [ التحريم : 3 ] وقال : { تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان } [ البقرة : 85 ] .

والرجم : القتل برمي الحجارة على المرجوم حتى يموت ، وهو قتل إذلال وإهانة وتعذيب .

وجملة { يرجموكم } جواب شرط { إن يظهروا عليكم } . ومجموع جملتي الشرط وجوابه دليل على خبر ( إن ) المحذوف لدلالة الشرط وجوابه عليه .

ومعنى { يعيدوكم في ملتهم } يرجعوكم إلى الملة التي هي من خصائصهم ، أي لا يخلو أمرهم عن أحد الأمرين إما إرجاعكم إلى دينهم أو قتلكم .

والملة . الدين . وقد تقدم في سورة يوسف ( 37 ) عند قوله : { إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله . } وأكد التحذير من الإرجاع إلى ملتهم بأنها يترتب عليها انتفاء فلاحهم في المستقبل ، لما دلت عليه حرف ( إذاً ) من الجزائية .

و{ أبداً } ظرف للمستقبل كله . وهو تأكيد لما دل عليه النفي ب ( لن ) من التأبيد أو ما يقاربه .