الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

{ إنهم إن يظهروا عليكم } [ 20 ] أي : إن أهل قريتكم الكفار أن يطلعوا عليكم { يرجموكم } [ 20 ] أي : يقتلوكم {[42449]} { أو يعيدوكم في ملتهم } أي : يردوكم عن {[42450]} دينكم {[42451]} [ إلى دينهم {[42452]} ] { ولن تفلحوا إذا أبدا } [ 20 ] أي : لن تفلحوا أن رجعتم إلى دينهم وعبادة أوثانهم [ أبدا ] {[42453]} .

قال وهب بن منبه : غبروا بعدما بني عليهم باب الكهف زمانا بعد زمان . ثم إن راعيا أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف ، وأدخلت غنمي من المطر . فلم يزل يعالجه حتى فتح ما دخل منه . ورد الله إليهم أرواحهم في أجسادهم من الغد حين أصبحوا ، فبعثوا أحدهم بورق يشتري لهم طعاما ، فلما أتى باب مدينتهم رأى شيئا ينكره . حتى دخل [ على رجل ] {[42454]} فقال : بعني بهذه {[42455]} الدراهم طعاما . فقال : من أين [ لك ] {[42456]} هذه الدراهم ؟ قال : خرجت أنا وأصحاب لي أمس وأتى الليل ثم أصبحوا فأرسلوني {[42457]} . فقال : هذه الدراهم كانت على عهد ملك فلان ، فأتى لك بها ؟ فرفعه إلى الملك ، وكان {[42458]} ملكا صالحا فقال : [ من ] {[42459]} أين لك هذا الورق ؟ فقال : خرجت أنا وأصحاب {[42460]} لي/أمس حتى أدركنا {[42461]} الليل في كهف كذا وكذا . ثم أمروني أن أشتري لهم طعاما . فقال : وأين أصحابك ؟ قال : في الكهف . قال : فانطلقوا معه حتى أتوا باب الكهف فقال : دعوني أدخل إليهم قبلكم . فلما رأوه ودنا منهم ضرب على ءاذانهم فجعلوا كلما دخل رجل منهم أرعب . فلم يقدروا على أن يدخلوا إليهم فبنوا عندهم كنيسة واتخذوها {[42462]} مسجدا يصلون فيه {[42463]} .

وقال عكرمة : كان أصحاب الكهف أبناء ملوك الروم ، ورزقهم الله الإسلام فاعتزلوا قومهم ، حتى انتهوا إلى الكهف . فلبثوا دهرا طويلا حتى أهلكت أمتهم . وجاءت أمة مسلمة وملكهم مسلم . فاختلفوا في الروح والجسد فقال قائل : يبعث الروح أما الجسد فتأكله {[42464]} الأرض فلا يكون {[42465]} شيئا . فشق على ملكهم اختلافهم فانطلق فلبس المسوح ، وجلس على الرماد ، ثم دعا الله [ عز وجل ] {[42466]} فقال أي رب قد ترى اختلاف هؤلاء ، فابعث لهم آية تبين لهم ، فبعث الله [ عز وجل ] {[42467]} أصحاب الكهف . فبعثوا أحدهم يشتري لهم طعاما . فدخل السوق فجعل ينكر الوجوه ، ويعرف {[42468]} الطرق ، ويرى الإيمان بالمدينة ظاهرا . فانطلق وهو مستخف حتى أتى رجلا يشتري منه طعاما فلما نظر الرجل إلى الورق أنكرها فقال له الفتى : أليس ملككم فلانا ؟ قالوا : لا ملكنا فلان ، فلم يزل ذلك بينهما حتى دفعوه إلى الملك فسأله ، فأخبره الفتى خبر أصحابه . فبعث في الناس فجمعهم ، فقال : إنكم قد اختلفتم في الروح و {[42469]} الجسد ، وإن الله عز وجل قد بعث لكم آية ، فهذا رجل من قوم فلان ، يعني : ملكهم الذي مضى . فقال الفتى : انطلقوا بي إلى أصحابي . فركب الملك وركب معه الناس حتى انتهوا {[42470]} إلى الكهف . فقال الفتى : دعوني أدخل إلى أصحابي . فلما أبصرهم ضرب على أذنه وآذانهم ، فلما استبطؤوه {[42471]} دخل الملك ودخل الناس معه فإذا أجسادهم لا ينكرون {[42472]} منها شيئا غير أنها لا أرواح فيها . فقال الملك : هذه آية : بعثها الله [ عز وجل ] {[42473]} لكم {[42474]} .

وروي {[42475]} في هذا أخبار طويلة ترجع إلى هذا {[42476]} المعنى {[42477]} .


[42449]:انظر هذا المعنى: في غريب القرآن 265 ومعاني الزجاج 3/276.
[42450]:ط: "في".
[42451]:ط: "دينهم".
[42452]:ساقط من ط.
[42453]:ساقط من ق.
[42454]:ساقط من ق.
[42455]:ساقط من ط.
[42456]:ساقط من ق
[42457]:ق: وأسلوني.
[42458]:ق: فكان.
[42459]:ساقط من ق.
[42460]:ق: "أصحابي".
[42461]:ق: "إذا أدركنا".
[42462]:ق: "اتخذوا".
[42463]:انظر: قول وهب بن منبه في جامع البيان 15/216.
[42464]:ق: فتأكلها.
[42465]:ق: يكونن.
[42466]:ساقط من ق.
[42467]:ساقط من ق.
[42468]:ق: "يعرق".
[42469]:ط: "أو".
[42470]:ط: "انتهى".
[42471]:ط: "اتبطئوه".
[42472]:ق: "لا ينظرون".
[42473]:ساقط من ق.
[42474]:انظر: قول عكرمة في جامع البيان 15/216، والدر 5/367.
[42475]:ط: وقد.
[42476]:ط: "هذه".
[42477]:انظر: بعض هذه الأخبار في جامع البيان 15/217 إلى 222.