{ أَنَّهُمْ } تعليل لما سبق من الأمر والنهي والضمير للأهل المقدر في { أيها } [ الكهف : 19 ] أو للكفار الذي دل عليه المعنى على ما اختاره أبو حيان ، وجوز أن يعود على { أَحَدٌ } [ الكهف : 19 ] لأنه عام فيجوز أن يجمع ضميره كما في قوله تعالى : { فَمَا مِنكُم مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجزين } [ الحاقة : 47 ] .
{ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } أي يطلعوا عليكم ويعلموا بمكانكم أو يظفروا بكم ، وأصل معنى ظهر صار على ظهر الأرض ، ولما كان ما عليها يشاهد ويتمكن منه استعمل تارة في الاطلاع ، وتارة في الظفر والغلبة وعدى بعلي ، وقرأ زيد بن علي { يَظْهَرُواْ } بضم الياء مبنياً للمفعول { يَرْجُمُوكُمْ } إن لم تفعلوا ما يريدونه منكم وثبتم على ما أنتم عليه ، والظاهر أن المراد القتل بالرجم بالحجارة ، وكان ذلك عادة فيما سلف فيمن خالف في أمر عظيم إذ هو أشفي للقلوب وللناس فيه مشاركة ، وقال الحجاج : المراد الرجم بالقول أي السب ، وهو للنفوس الأبية أعظم من القتل { أَوْ يُعِيدُوكُمْ في مِلَّتِهِمْ } أي يصيروكم إليها ويدخلوكم فيها مكرهين ، والعود في الشيء بهذا المعنى لا يقتضي التبس به قبل ، وروي هذا عن ابن جبير ، وقيل العود على ظاهره ، وهو رجوع الشخص إلى ما كان عليه ، وقد كان الفتية على ملة قومهم أولاف ، وإيثار كلمة في على كلمة إلى ، قال بعض المحققين للدلالة على الاستقرار الذي هو أشد كراهة ، وتقديم احتمال الرجم على احتمال الإعادة لأن الظاهر من حالهم هو الثبات على الدين المؤدي إليه ، وضمير الخطاب في المواضع الأربعة للمبالغة في حمل المبعوث على ما أريد منه والباقين على الاهتمام بالتوصية فإن إمحاض النصح أدخل في القبول واهتمام الإنسان بشأن نفسه أكثر وأوفر .
/ { وَلَن تُفْلِحُواْ إِذًا أَبَدًا } أي إن دخلتم فيها حقيقة ولو بالكره والإلجاء لن تفوزوا بخير لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ووجه الارتباط على هذا أن الإكراه على الكفر قد يكون سبباً لاستدراج الشيطان إلى استحسانه والاستمرار عليه ، وبما ذكر سقط ما قيل إن إظهار الكفر بالإكراه مع إبطان الإيمان معفو في جميع الأزمان فكيف رتب عليه عدم الفلاح أبداً ، ولا حاجة إلى القول بأن إظهار الكفر مطلقاً كان غير جائز عندهم ، ولا إلى حمل { يُعِيدُوكُمْ في مِلَّتِهِمْ } على يميلوكم إليها بالإكراه وغيره فتدبر ، ثم إن الفتية بعثوا أحدهم وكان على ما قال غير واحد يمليخا فكان ما أشار الله تعالى إليه بقوله سبحانه .
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ } بأحجار الإنكار { أَوْ يُعِيدُوكُمْ في مِلَّتِهِمْ } التي اجتمعوا عليها ولم ينزل الله تعالى بها من سلطان { وَلَن تُفْلِحُواْ إِذًا أَبَدًا } [ الكهف : 20 ] لأن الكفر حينئذ يكون كالكفر الإبليسي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.