إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

{ إِنَّهُمْ } تعليلٌ لما سبق من الأمر والنهي أي لِيبالِغْ في التلطف وعدمِ الإشعار لأنهم { إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } أي يطّلعوا عليكم أو يظفَروا بكم ، والضميرُ للأهل المقدّر في أيُّها { يَرْجُمُوكُمْ } إن ثبتُّم على ما أنتم عليه .

{ أَوْ يُعِيدُوكُمْ في مِلَّتِهِمْ } أي يصيِّروكم إليها ويُدخلوكم فيها كُرهاً ، من العَوْد بمعنى الصيْرورة كقوله تعالى : { أَوْ لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنَا } وقيل : كانوا أولاً على دينهم ، وإيثارُ كلمةِ في بدل إلى للدِلالة على الاستقرار الذي هو أشدُّ شيءٍ عندهم كراهةً ، وتقديمُ احتمال الإعادةِ لأن الظاهرَ من حالهم هو الثباتُ على الدين المؤدي إليه ، وضميرُ الخطاب في المواضع الأربعةِ للمبالغة في حمل المبعوثِ على الاستخفاء وحثِّ الباقين على الاهتمام بالتوصية ، فإن إمحاضَ النُّصحِ أدخلُ في القَبول واهتمامُ الإنسان بشأن نفسِه أكثرُ وأوفر { وَلَن تُفْلِحُواْ إِذًا } أي إن دخلتم فيها ولو بالكرُه والإلجاء لن تفوزوا بخير { أَبَدًا } لا في الدنيا ولا الآخرة ، وفيه من التشديد في التحذير ما لا يخفى .