اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

فصل

{ يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } ، أي : يطَّلعوا عليكم ، ويعلموا مكانكم .

وقيل : أو يشرفوا على مكانكم أو على أنفسكم من قولهم : ظهرتُ على فلانٍ ، إذا علوتهُ ، وظهرتُ على السَّطح ، إذا صرت فوقه ، ومنه قوله تعالى : { فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ } [ الصف : 14 ] أي عالين .

وقوله : { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ } [ التوبة : 33 ] أي : ليعليه .

قوله : { يَرْجُمُوكُمْ } . قال ابن جريج : يَشْتموكُمْ ، ويُؤذُوكم بالقول{[20934]} ، وقيل : يقتلوكم بالحجارة ، والرجمُ بمعنى القتل كثيرٌ . قال تعالى : { وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ } [ هود : 91 ] وقوله : { أَن تَرْجُمُونِ } [ الدخان : 20 ] والرجم أخبث القتل ، قاله الزجاج .

{ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } أي يردُّوكم إلى دينهم .

قوله : { وَلَن تفلحوا إِذاً أَبَداً } أي إن رجعتم إلى دينهم ، لم تسعدوا في الدنيا ، ولا في الآخرة ، ف " إذاً " جوابٌ وجزاءٌ ، أي : إن يظهروا ، فلن تفلحوا .

وقال الزجاج : لن تُفْلِحُوا ، إذا رجعتم إلى ملتهم أبداً ، فإن قيل : أليس أنَّهم لو أكرهوا على الكفر ، حتى أظهروا الكفر ، لم يكن عليهم مضرَّة ، فكيف قالوا : { وَلَن تفلحوا إِذاً أَبَداً } ؟ .

فالجواب{[20935]} : يحتمل أن يكون المراد أنَّهم لو ردُّوا إلى الكفر ، وبقوا مظهرين له ، فقد يميل بهم ذلك إلى الكفر ، ويصيروا كافرين حقيقة ، فكان تخوُّفهم من هذا الاحتمال .


[20934]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/204) وينظر: تفسير الماوردي (3/265) والبغوي (3/155) والقرطبي (10/244).
[20935]:ينظر : الفخر الرازي 21/88.