السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

{ إنهم } ، أي : أهل المدينة { إن يظهروا } ، أي : يطلعوا عالين { عليكم يرجموكم } ، أي : يقتلوكم والرجم بمعنى القتل كثير في القرآن كقوله تعالى : { ولولا رهطك لرجمناك } [ هود ، 91 ] وقوله : { لأرجمنك } [ مريم ، 46 ]

وقوله : { أن ترجمون } [ الدخان ، 20 ] وقال الزجاج : ، أي : يقتلوكم بالرجم والرجم أخبث أنواع القتل . { أو يعيدوكم في ملتهم } إن لنتم لهم { ولن تفلحوا إذاً } ، أي : إن رجعتم إلى ملتهم { أبداً } بل تكونوا خاسرين . قال بعض العلماء : ولا خوف على المؤمن الفارّ بدينه أعظم من هذين الأمرين أحدهما ما فيه هلاك النفس وهو الرجم الذي هو أخبث أنواع القتل والآخر هلاك الدين . فإن قيل : أليس أنهم لو أكرهوا على الكفر حتى أظهروا الكفر لم يكن عليهم مضرة فكيف قالوا { ولن تفلحوا إذاً أبداً } أجيب : بأنهم خافوا أنهم لو بقوا على الكفر مظهرين له فقد يميل بهم ذلك إلى الكفر الحقيقي فكان خوفهم بسبب هذا الاحتمال . فإن قيل : ما النكتة في العدول عن واحدكم إلى أحدكم وكل ذلك دال على الوحدة ؟ أجيب : بأنّ النكتة فيه أنّ العرب إذا قالوا أحد القوم أرادوا به فرداً منهم وإذا قالوا واحد القوم أرادوا رئيسهم والمراد في القصة ، أي : واحد كان والقرآن الكريم أنزل بلغتهم فراعى ما راعوا .