معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

قوله تعالى : { قال نكروا لها عرشها } يقول : غيروا سريرها إلى حال تنكره إذا رأته ، قال قتادة ومقاتل : هو أن يزاد فيه وينقص منه ، وروي أنه جعل أسفله أعلاه وأعلاه أسفله ، وجعل مكان الجوهر الأحمر أخضر ومكان الأخضر أحمر ، { ننظر أتهتدي } إلى عرشها فتعرفه ، { أم تكون من } الجاهلين ، { الذين لا يهتدون } إليه ، وإنما حمل سليمان على ذلك كما ذكره وهب ومحمد بن كعب وغيرهما : أن الشياطين خافت أن يتزوجها سليمان فتفشى إليه أسرار الجن وذلك أن أمها كانت جنية ، وإذا ولدت له ولداً لا ينفكون من تسخير سليمان وذريته من بعده ، فأساؤوا الثناء عليها ليزهدوه فيها ، وقالوا : إن في عقلها شيئاً وإن رجلها كحافر الحمار وأنها شعراء الساقين فأراد سليمان أن يختبر عقلها بتنكير عرشها وينظر إلى قدميها ببناء الصرح .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

15

وبعد هذه الانتفاضة أمام النعمة والشعور بما وراءها من الابتلاء يمضي سليمان - عليه السلام - في تهيئة المفاجآت للملكة القادمة عما قليل :

( قال : نكروا لها عرشها . ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ) .

غيروا معالمه المميزة له ، لنعرف إن كانت فراستها وفطنتها تهتدي إليه بعد هذا التنكير . أم يلبس عليها الأمر فلا تنفذ إلى معرفته من وراء هذا التغيير .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ نَكّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِيَ أَمْ تَكُونُ مِنَ الّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال سليمان لما أتى عرش بلقيس صاحبة سبأ ، وقدمت هي عليه ، لجنده : غيّروا لهذه المرأة سريرها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قَتادة ، قوله نَكّرُوا لَهَا عَرْشَها قال : غيروا .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : فلما أتته قالَ نَكّرُوا لَهَا عَرْشَها قال : وتنكير العرش ، أنه زيد فيه ونقص .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله نَكّرُوا لَهَا عَرْشَها قال : غيّروه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاح ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، نحوه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله نَكرُوا لهَا عَرْشَها قال : مجلسها الذي تجلس فيه .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله نَكّرُوا لَهَا عَرْشَها أمرهم أن يزيدوا فيه ، وينقصوا منه .

وقوله : نَنْظُرْ أتَهْتَدِي يقول : ننظر أتعقل فتثبت عرشها أنه هو الذي لها أمْ تَكُونُ مِنَ الّذِينَ لا يَهْتَدُونَ يقول : من الذين لا يعقلون فلا تثبت عرشها .

وقيل : إن سليمان إنما نكّر لها عرشها ، وأمر بالصرح يعمل لها ، من أجل أن الشياطين كانوا أخبروه أنه لا عقل لها ، وأن رجلها كحافر حمار ، فأراد أن يعرف صحة ما قيل له من ذلك . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله أتَهْتَدِي أمْ تَكُونُ مِنَ الّذِين لا يَهْتَدُونَ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ننْظُرْ أتَهْتَدِي أمْ تَكُونُ مِنَ الّذِينَ لا يَهْتَدُونَ قال : زيد في عرشها ونقص منه ، لينظر إلى عقلها ، فوُجدت ثابتة العقل .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد نَنْظُرْ أتَهْتَدِي أتعرفه .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : ثني ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله نَنْظُرْ أتَهْتَدِي قال : تعرفه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه : أتَهْتَدِي أمْ تَكُونَ مِنَ الّذِينَ لا يَهْتَدُونَ : أي أتعقل ، أم تكون من الذين لا يعقلون ؟ ففعل ذلك لينظر أتعرفه ، أم لا تعرفه ؟

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

أراد سليمان عليه السلام في هذا «التنكير » تجربة ميزها ونظرها وليزيد في الإغراب عليها ، وروت فرقة أن الجن أحست من سليمان أو ظنت به أنه ربما تزوج بلقيس ، فكرهوا ذلك وعابوها عنده بأنها غير عاقلة ولا مميزة وبأن رجلها كحافر دابة ، فجرب عقلها وميزها بتنكير عرشها ، وجرب أمر رجلها بأمر الصرح ، لتكشف عن ساقيها عنده ، وقرأ أبو حيوة «تنظُر » بضم الراء ، و «تنكير العرش » تغيير وضعه وستر بعضه ، ونحو هذا ، وقال ابن عباس ومجاهد والضحاك تنكيره بأن زيد فيه ونقص منه ، ويعترض هذا بأن من حقها على هذا أن تقول ليس به وتكون صادقة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

هذا من جملة المحاورة التي جرت بين سليمان عليه السلام وبين ملئه ، ولذلك لم يعطف لأنه جرى على طريقة المقاولة والمحاورة .

والتنكير : التغيير للحالة . قال جميل :

وقالوا نراها يا جميلُ تنكّرت *** وغيرها الواشي فقلت : لعلها

أراد : تنكرت حالة معاشرتها بسبب تغيير الواشين ، بأن يغير بعض أوصافه ، قالوا : أراد مفاجأتها واختبار مظنتها .

والمأمور بالتنكير أهل المقدرة على ذلك من ملئه .

و { من الذين لا يهتدون } أبلغ في انتفاء الاهتداء من : لا تهتدي ، كما تقدم في نظائره غير مرة .