فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

{ قال : نكروا لها عرشها } قيل : إنما أعيد ذكر القول لكون المتعلق مختلفا لكونه أولا ثناء على الله ، وثانيا متعلقا بشأن عرشها ، والتنكير التغيير ، وجعل الشيء بحيث لا يعرف ، ضد التعريف ، ومنه نقل إلى مصطلح أهل العربية يقول : غيروا سريرها إلى حال تنكره إذا رأته ، قيل : جعل أسفله أعلاه ، وأعلاه أسفله ، وقيل : غير بزيادة ونقصان ، قاله ابن عباس .

قال الفراء وغيره : إنما أمر بتنكيره لأن الشياطين قالوا له : إن في عقلها شيئا فأراد أن يمتحنها ، وقيل : خافت الجن أن يتزوج بها سليمان فيولد له ولد منها ، فيبقون مسخرين لآل سليمان أبدا فقالوا لسليمان إنها ضعيفة العقل ، ورجلها كرجل الحمار ، وقيل : أراد سليمان أن يظهر لها أن الجن مسخرون له .

{ ننظر } أي نعلم قرئ بالجزم على أنه جواب الأمر وبه قرأ الجمهور ، وقرئ بالرفع على الاستئناف ، قال ابن عباس : لننظر إلى عقلها فوجدت ثابتة العقل { أتهتدي ؟ } إلى معرفته أو إلى الإيمان بالله { أم تكون من الذين لا يهتدون } إلى ذلك .