معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

قوله تعالى : { إنما يأمركم بالسوء } . أي بالإثم ، وأصل السوء ما يسوء صاحبه وهو مصدر ، ساء يسوء سوءا ومساءة ، أي أحزنه ، وسوأته فساء أي حزنته فحزن .

قوله تعالى : { والفحشاء } . المعاصي وما قبح من القول والفعل وهو مصدر كالسراء والضراء . روي عن ابن عباس قال : الفحشاء من المعاصي ما يجب فيه الحد ، والسوء من الذنوب ما لا حد فيه . وقال السدي : هي الزنا . وقيل هي البخل .

قوله تعالى : { أن تقولوا على الله ما لا تعلمون } . من تحريم الحرث والأنعام .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

158

لا من إيحاء الشيطان الذي لا يوحي بخير لأنه عدو للناس بين العداوة . لا يأمرهم إلا بالسوء وبالفحشاء ، وإلا بالتجديف على الله ، والإفتراء عليه ، دون تثبت ولا يقين !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسّوَءِ وَالْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

يعني تعالى ذكره بقوله : ( إنّمَا يَأمُرُكُمْ الشيطان بالسّوء والفَحْشاءِ وأنْ تَقُولُوا على اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) والسوء : الإثم مثل الضرّ من قول القائل : ساءك هذا الأمر يسوءك سُوءا وهو ما يسوء الفاعل . وأما الفحشاء فهي مصدر مثل السرّاء والضرّاء ، وهي كل ما استفحش ذكره وقبح مسموعه . وقيل إن السوء الذي ذكره الله هو معاصي الله فإن كان ذلك كذلك ، فإنما سماها الله سوءا لأنها تسوء صاحبها بسوء عاقبتها له عند الله . وقيل إن الفحشاء : الزنا فإن كان ذلك كذلك ، فإنما يسمى لقبح مسموعه ، ومكروه ما يذكر به فاعله . ذكر من قال ذلك :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : إنّمَا يَأمُرُكُمْ بالسّوءِ وَالفَحْشاءِ أما السوء فالمعصية ، وأما الفحشاء فالزنا .

وأما قوله : وأنْ تَقُولُوا على اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ فهو ما كانوا يحرّمون من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي ، ويزعمون أن الله حرم ذلك ، فقال تعالى ذكره لهم : ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنّ الّذِينَ كَفَرُوا يَفْترُونَ على اللّهِ الكَذِبَ وأكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ، وأخبرهم تعالى ذكره في هذه الآية أن قيلهم إن الله حرم هذا من الكذب الذي يأمرهم به الشيطان ، وأنه قد أحله لهم وطيبه ، ولم يحرّم أكله عليهم ، ولكنهم يقولون على الله ما لا يعلمون حقيقته طاعة منهم للشيطان ، واتباعا منهم خطواته ، واقتفاءً منهم آثار أسلافهم الضلاّل وآبائهم الجهال ، الذين كانوا بالله وبما أنزل على رسوله جهالاً ، وعن الحق ومنهاجه ضلالاً وإسرافا منهم ، كما أنزل الله في كتابه على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال تعالى ذكره : وَإذَا قيلَ لَهُمُ اتّبعُوا ما أنْزلَ اللّهُ قالُوا بَلْ نَتّبِعُ ما ألفْيَنْا عَلَيْهِ آباءَنا أوْ لَوْ كانَ آباؤهمْ لا يَعْقلُونَ شَيْئا وَلا يَهْتَدُون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

{ إنما يأمركم بالسوء والفحشاء } بيان لعداوته ، ووجوب التحرز عن متابعته . واستعير الأمر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تسفيها لرأيهم وتحقيرا لشأنهم ، والسوء والفحشاء ما أنكره العقل واستقبحه الشرع ، والعطف لاختلاف الوصفين فإنه سوء لاغتمام العاقل به ، وفحشاء باستقباحه إياه . وقيل : السوء يعم القبائح ، والفحشاء ما يتجاوز الحد في القبح من الكبائر . وقيل : الأول ما لا حد فيه ، والثاني ما شرع فيه الحد { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } كاتخاذ الأنداد وتحليل المحرمات وتحريم الطيبات ، وفيه دليل على المنع من اتباع الظن رأسا . وأما اتباع المجتهد لما أدى إليه ظن مستند إلى مدرك شرعي فوجوبه قطعي ، والظن في طريقه كما بيناه في الكتب الأصولية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ( 169 )

وقوله تعالى : { إنما يأمركم } الآية ، { إنما } تصلح للحصر ، وقد تجيء غير حاصرة بل للمبالغة( {[1538]} ) كقولك «إنما الشجاع عنترة » ، كأنك تحاول الحصر أو توهمه ، فإنما يعرف معنى { إنما } بقرينة الكلام الذي هي فيه ، فهي في هذه الآية حاصرة ، وأمر الشيطان إما بقوله في زمن الكهنة وحيث يتصور ، وإما بوسوسته ، فإذا أطيع نفذ أمره .

و { السوء } مصدر من ساء يسوء فهي المعاصي وما تسوء عاقبته( {[1539]} ) ، و { الفحشاء } قال السدي : هي الزنا ، وقيل : كل ما بلغ حداً من الحدود لأنه يتفاحش حينئذ ، وقيل : ما تفاحش ذكره ، وأصل الفحش قبح المنظر كما قال امرؤ القيس : [ الطويل ]

وجيدٍ كجيدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ . . . إذا هِيَ نصَّتْهُ ولا بمعطَّلِ( {[1540]} )

ثم استعملت اللفظة فيما يستقبح من المعاني ، والشرع هو الذي يحسن ويقبح ، فكل ما نهت عنه الشريعة فهو من الفحشاء ، و { ما لا تعلمون } : قال الطبري : يريد به حرموا من البحيرة والسائبة ونحوها وجعلوه شرعاً .


[1538]:- يعني أن الحصر تارة يكون حقيقيا، وتارة يكون ادعائيا، ويرجع في ذلك إلى القرائن المحيطة بالمقام.
[1539]:- يعني أن كلمة السوء تشمل سائر المعاصي، لأن المعنى: إنما يأمركم بالأفعال السيئة، وسميت سوءا لأنها تسوءُ صاحبها بسوء عاقبته.
[1540]:- الريم: ولد الظبية، قيل: إذا كان خالص البياض – وليس بفاحش: يعني ليس بشديد الطول كريه المنظر. ونصّته: مدَّته وأبرزته – والمعطّل: الخالي من الحلي.