معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا} (7)

قوله تعالى : { يا زكريا إنا نبشرك } ، وفيه اختصار ، معناه : فاستجاب الله دعاءه ، فقال : يا زكريا إنا نبشرك ، { بغلام } ، بولد ذكر ، { اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سمياً } ، قال قتادة و الكلبي : لم يسم أحد قبله يحيى . وقال سعيد بن جبير وعطاء : لم نجعل له شبهاً ومثلاً ، كما قال الله تعالى : { هل تعلم له سمياً } ، أي مثلاً . والمعنى : أنه لم يكن له مثل ، لأنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط . وقيل : لم يكن له مثل في أمر النساء ، لأنه كان سيداً وحصوراً . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما : أي لم تلد العواقر مثله ولداً . وقيل : لم يرد الله به اجتماع الفضائل كلها ليحيى ، إنما أراد بعضها ، لأن الخليل والكليم كانا قبله ، وهما أفضل منه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا} (7)

أي : بشره الله تعالى على يد الملائكة ب " يحيى " وسماه الله له " يحيى " وكان اسما موافقا لمسماه : يحيا حياة حسية ، فتتم به المنة ، ويحيا حياة معنوية ، وهي حياة القلب والروح ، بالوحي والعلم والدين . { لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ْ } أي : لم يسم هذا الاسم قبله أحد ، ويحتمل أن المعنى : لم نجعل له من قبل مثيلا ومساميا ، فيكون ذلك بشارة بكماله ، واتصافه بالصفات الحميدة ، وأنه فاق من قبله ، ولكن على هذا الاحتمال ، هذا العموم لا بد أن يكون مخصوصا بإبراهيم وموسى ونوح عليهم السلام ، ونحوهم ، ممن هو أفضل من يحيى قطعا ، فحينئذ لما جاءته البشارة بهذا المولود الذي طلبه استغرب وتعجب وقال : { رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ ْ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا} (7)

المعنى قيل له بإثر دعائه { يا زكريا إنا نبشرك بغلام } يولد لك { اسمه يحيى } وقرأ الجمهور «بَشِّرك » بفتح الباء وكسر الشين مشددة ، وقرأ أصحاب ابن مسعود «نبْشُرك » بسكون الباء وضم الشين ، قال قتادة : سمي { يحيى } لأن الله أحياه بالنبوءة والإيمان ، وقال بعضهم سمي بذلك لأن الله أحيا له الناس بالهدى . وقوله { سمياً } معناه في اللغة لم نجعل له مشاركاً في هذا الاسم ، أي لم يتسم قبل ب { يحيى } وهذا قول قتادة وابن عباس وابن أسلم والسدي ، وقال مجاهد وغيره { سمياً } معناه مثلاً ونظيراً وهذا كأنه من المساماة والسمو ، وفي هذا بعد لأنه لا يفضل على إبراهيم وموسى اللهم إلا أن يفضل في خاص بالسؤود والحصر .

وقال ابن عباس معناه لم تلد العواقر مثله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا} (7)

مقول قول محذوف دلّ عليه السياق عقب الدعاء إيجازاً ، أي قلنا يا زكرياء إلخ . . .

والتبشير : الوعد بالعطاء . وفي الحديث : « أنّه قال للأنصَار فأبشروا وأمّلوا » ، وفي حديث وفد بني تميم : « اقبَلوا البشرى ، فقالوا بشرتَنا فأعطنا » .

ومعنى { اسْمُهُ يَحْيَى } سَمّهِ يحيى ، فالكلام خبر مستعمل في الأمر .

والسميّ فسروه بالموافق في الاسم ، أي لم نجعل له من يوافقه في هذا الاسم من قبل وجوده . فعليه يكون هذا الإخبار سراً من الله أودعه زكرياء فلا يظن أنه قد يُسمّي أحد ابنَه يحيى فيما بين هذه البشارة وبين ازدياد الولد . وهذه منّة من الله وإكرام لزكرياء إذ جعل اسم ابنه مبتكراً ، وللأسماء المبتكرة مزيّة قوّة تعريف المسمى لقلّة الاشتراك ، إذ لا يكون مثله كثيراً مدّة وجوده ، وله مزية اقتداء الناس به من بعد حين يسمون أبناءهم ذلك الاسم تيمّناً واستجادة .

وعندي : أن السّمِيّ هنا هو الموافق في الاسم الوصفي بإطلاق الاسم على الوصف ، فإن الاسم أصله في الاشتقاق ( وسَم ) ، والسمة : أصلها وسمة ، كما في قوله تعالى : { ليسمُّون الملائكَة تسمية الأنثى } [ النجم : 27 ] ، أي يصفونهم أنهم إناث ، ومنه قوله الآتي : { هل تعلم له سمياً } [ مريم : 65 ] أي لا مثيل لله تعالى في أسمائه . وهذا أظهر في الثناء على يحيى والامتنان على أبيه . والمعنى : أنه لم يجىء قبل يحيى من الأنبياء من اجتمع له ما اجتمع ليحيى فإنه أعطي النبوءة وهو صبيّ ، قال تعالى : { وآتيناه الحكم صبياً } [ مريم : 12 ] ، وجعل حصوراً ليكون غير مشقوق عليه في عصمته عن الحرام ، ولئلا تكون له مشقة في الجمع بين حقوق العبادة وحقوق الزوجة ، وولد لأبيه بعد الشيخوخة ولأمّه بعد العَقر ، وبُعث مبشراً برسالة عيسى عليه السلام ، ولم يكن هو رسولاً ، وجعل اسمه العلم مبتكراً غير سابق من قبله . وهذه مزايا وفضائل وهبت له ولأبيه ، وهي لا تقتضي أنه أفضل الأنبياء لأنّ الأفضلية تكون بمجموع فضائل لا ببعضها وإن جلّت ، ولذلك قيل « المزيّة لا تقتضي الأفضليّة » وهي كلمة صدق .