غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا} (7)

1

قوله : { يا زكريا } الأكثرون على أنه نداء من الله تعالى لقرينة التخاطب من قوله : { رب إني وهن العظم مني } إلى قوله : { رب أنى يكون لي غلام } ومنهم من قال : هو نداء الملك لقوله في آل عمران { فنادته الملائكة } [ الآية : 49 ] وجوز بعضهم الأمرين . واختلفوا في عدم السمي فقيل : أراد أن لم يسم أحد بيحيى قبله . وقيل : أراد أنه لا نظير له كقوله { هل تعلم له سمياً } [ مريم : 65 ] وذلك أنه سيداً وحصوراً ولم يعص ولم يهم بمعصية فكأنه جواب لقوله : { واجعله رب رضياً } وأيضاً سمي بيحيى قبل دخوله في الوجود ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر فلا نظير له في هذه الخواص .

قال بعض العلماء : القول الأول أظهر لما في الثاني من العدول عن الظاهر ولا يصار إليه لضرورة كما في قوله : { فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً }

[ مريم : 65 ] لأنا نعلم أن مجرد كونه تعالى لا سميّ له لا يقتضي عبادته فنقول : السميّ هناك يراد به المثل والنظير . ويمكن أن يقال : إن التفرد بالاسم فيه ضرب من التعظيم فلا ضرورة في الآية أيضاً . قال جار الله : إنما قيل للمثل سميّ لأن كل متشاكلين يسمى كل منهما باسم المثل والشبيه والشكل والنظير ، فكل واحد منهما سمي . قلت : ويقرب هذا من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم . ولم سمي بيحيى ؟ تكلفوا له وجوهاً . فعن ابن عباس لأنه تعالى أحيا عقر أمه . وعن قتادة لأنه تعالى أحيا قلبه بالإيمان والطاعة { أو من كان ميتاً فأحييناه } [ الأنعام : 122 ] { إذا دعاكم لما يحييكم }

[ الأنفال : 24 ] . ولهذا كان من أول من آمن بعيسى . وقيل : لأنه استشهد والشهداء أحياء . وقيل : لأن الدين أحيى به لأن زكريا سأله لأجل الدين .

/خ15