فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا} (7)

{ يا زكريا } بالهمز ، وحذفه سبعيتان . قال جمهور المفسرين :إن هذا النداء من الله سبحانه ، وقيل من جهة الملائكة ، لقوله في آل عمران { فنادته الملائكة } ويمكن أن يكون وقع له الخطاب مرتين ، مرة بواسطة الملائكة وأخرى من غير واسطة ، وفي الكلام حذف ، أي فاستجاب له دعاءه فقال : { يا زكريا إنا نبشرك بغلام } وبين هذه البشارة ووجود الغلام في الخارج بالفعل ثلاث عشرة سنة لأن طلب زكريا للولد والبشارة به كان في صغر مريم وهي في كفالته ، وأن الحمل بيحيى كان مقارنا للحمل بعيسى ، وكانت مريم إذ ذاك بنت ثلاث عشرة سنة ، وأن أشاع حملت به قبل حمل مريم بعيسى بستة أشهر . { اسمه يحيى } قد تقدم في آل عمران وجه التسمية بيحيى وزكريا . قال الزجاج : سمي يحي لأنه حيي بالعلم والحكمة التي أوتيها ، وهو الممنوع من الصرف للعلمية والعجمية ، وتقول في تثنيته يحييان رفعا ويحيين نصبا وجرا ، وفي جمع سلامته يحيون رفعا ، ويحيين نصبا وجرا .

{ لم نجعل له من قبل سميا } فعيل بمعنى مفعول ، أي مسمى يحيى قال أكثر المفسرين : معناه لم نسم أحدا قبله يحيى .

وقال مجاهد وابن عباس وجماعة : معناه أنه لم يجعل له مثلا ولا نظيرا ، فيكون على هذا مأخوذ من المساماة أو السمو ، ورد هذا بأنه يقتضى تفضيله على إبراهيم وموسى . وقيل : معناه لم تلد عاقر مثله ، والأول أولى .

وفي إخباره سبحانه بأنه لم يسم بهذا الاسم قبله أحد فضيلة له من جهتين . الأولى أن الله سبحانه هو الذي تولى تسميته به ولم يكلها إلى الأبوين ، وسماه بخصوص يحيى لأنه حيي رحم أمه بعد موته بالعقم ، والجهة الثانية أن تسميته باسم لم يوضع لغيره تفيد تشريفه وتعظيمه .