البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا} (7)

وقيل : بعد ستين والمنادي والمبشر زكرياء هم الملائكة بوحي من الله تعالى قال تعالى { فنادته الملائكة } الآية والغلام الولد الذكر ، وقد يقال للأنثى غلامة كما قال :

تهان لها الغلامة والغلام***

والظاهر أن { يحيى } ليس عربياً لأنه لم تكن عادتهم أن يسموا بألفاظ العربية فيكون منعه الصرف للعلمية والعجمة ، وإن كان عربياً فيكون مسمى بالفعل كيعمر ويعيش قد سموا بيموت وهو يموت بن المزرع ابن أخت الجاحظ .

وعلى أنه عربي .

فقيل : سمي بذلك لأنه يحيى بالحكمة والعفة .

وقيل : يحيى بهدايته وإرشاده خلق كثير .

وقيل لأنه يستشهد والشهداء أحياء .

وقيل : لأنه يعمر زمناً طويلاً .

وقيل : لأنه حيي بين شيخ كبير وأمّ عاقر .

وقيل : لأنه حيي به عقر أمه وكانت لا تلد .

وقال ابن عباس وقتادة والسدّي وابن أسلم : لم نسم قبله أحداً بيحيى .

قال الزمخشري : وهذا شاهد على أن الأسامي الشنع جديرة بالأثرة وإياها كانت العرب تنحى في التسمية لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النفر ، حتى قال القائل في مدح قوم :

شنع الأسامي مسبلي أزر *** حمر تمس الأرض بالهدب

وقال رؤبة للنسابة البكري : وقد سأله عن نسبه أنا ابن العجاج فقال : قصرت وعرفت انتهى .

وقيل للصلت بن عطاء : كيف تقدمت عند البرامكة وعندهم من هو آدب منك ، فقال : كنت غريب الدار غريب الاسم خفيف الحزم شحيحاً بالاشلاء .

فذكر مما قدمه كونه غريب الاسم إذ كان اسمه الصلت .

وقال مجاهد وغيره { سمياً } أي مثلاً ونظيراً وكأنه من المساماة والسموّ .

قال ابن عطية : وهذا فيه بعد لأنه لا يفضل على إبراهيم وموسى .

وقال ابن عباس أيضاً لم تلد العواقر مثله .

قال الزمخشري : وإنما قيل للمثل سمّي لأن كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والشكل والنظير فكل واحد منهما سَمِي لصاحبه .

وقيل : لم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط ، وأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر وأنه كان حصوراً انتهى .