معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِۦ يُشۡرِكُونَ} (35)

قوله تعالى : { أم أنزلنا عليهم سلطانا } قال ابن عباس رضي : حجة وعذراً . وقال قتادة : كتاباً ، { فهو يتكلم } ينطق ، { بما كانوا به يشركون } أي : ينطلق بشركهم ويأمرهم به .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِۦ يُشۡرِكُونَ} (35)

{ أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا } أي : حجة ظاهرة { فَهُوَ } أي : ذلك السلطان ، { يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ } ويقول لهم : اثبتوا على شرككم واستمروا على شككم فإن ما أنتم عليه هو الحق وما دعتكم الرسل إليه باطل .

فهل ذلك السلطان موجود عندهم حتى يوجب لهم شدة التمسك بالشرك ؟ أم البراهين العقلية والسمعية والكتب السماوية والرسل الكرام وسادات الأنام ، قد نهوا أشد النهي عن ذلك وحذروا من سلوك طرقه الموصلة إليه وحكموا بفساد عقل ودين من ارتكبه ؟ .

فشرك هؤلاء بغير حجة ولا برهان وإنما هو أهواء النفوس ، ونزغات الشيطان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِۦ يُشۡرِكُونَ} (35)

وقوله { أم } بمعنى بل وألف الاستفهام كأن أضرب عن صدر الكلام ورجع إلى هذه الحجة ، و «السلطان » هنا البرهان من رسول أو كتاب ونحوه ، والسلطان في كلام العرب جمع سليط كرغيف ورغفان وغدير وغدران فهو مأخوذ من التسلط والتغلب ، ولزم هذا الاسم في العرف الرئيس لأنه سليط بوجه الحق ، ولزمه اسم جمع من حيث أنواع الغلبة والملك عنده ، وقال قوم : هو اسم مفرد وزنه فعلان ، وقوله تعالى : { فهو يتكلم } معناه أن يظهر حجتهم وينطق بشركهم قاله قتادة ، فيقوم ذلك مقام الكلام ، كما قال تعالى { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق }{[9317]} [ الجاثية : 29 ] .


[9317]:من الآية 29 من سورة الجاثية.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِۦ يُشۡرِكُونَ} (35)

{ أمْ } منقطعة ، فهي مثل ( بَل ) للإضراب هو إضراب انتقالي . وإذ كان حرف { أم } حرفَ عطف فيجوز أن يكون ما بعدها إضراباً عن الكلام السابق فهو عطف قصة على قصة بمنزلة ابتداءٍ ، والكلام توبيخ ولوم متصل بالتوبيخ الذي أفاده قوله { فتمتعوا فسوف تعلمون } [ الروم : 34 ] . وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة إعراضاً عن مخاطبتكم إلى مخاطبة المسلمين تعجيباً من حال أهل الشرك . ويجوز أن يكون ما بعدها متصلاً بقوله { بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم } [ الروم : 29 ] فهو عطف ذَم على ذم وما بينهما اعتراض .

وحيثما وقعت { أمْ } فالاستفهام مقدَّر بعدها لأنها ملازمة لمعنى الاستفهام . فالتقدير : بل أأنزلنا عليهم سلطاناً وهو استفهام إنكاري ، أي ما أنزلنا عليهم سلطاناً ، ومعنى الاستفهام الإنكاري أنه تقرير على الإنكار كأن السائل يسأل المسؤول ليقر بنفي المسؤول عنه .

والسلطان : الحجة . ولما جعل السلطان مفعولاً للإنزال من عند الله تعين أن المراد به كتاب كما قالوا { حتى تنزل علينا كتاباً نَقرؤه } [ الإسراء : 93 ] . ويتعين أن المراد بالتكلم الدلالة بالكتابة كقوله تعالى { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق } [ الجاثية : 29 ] ، أي تدل كتابته ، أي كتب فيه بقلم القدرة أن الشرك حق كقوله تعالى { أم ءاتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون } [ الزخرف : 21 ] . وقدم { به } على { يشركون } للاهتمام بالتنبيه على سبب إشراكهم الداخل في حيز الإنكار للرعاية على الفاصلة .