الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَمۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِۦ يُشۡرِكُونَ} (35)

قوله تعالى : " أم أنزلنا عليهم سلطانا " استفهام فيه معنى التوقيف . قال الضحاك : " سلطانا " أي كتابا ، وقاله قتادة والربيع بن أنس . وأضاف الكلام إلى الكتاب توسعا . وزعم الفراء أن العرب تؤنث السلطان . تقول : قضت به عليك السلطان . فأما البصريون فالتذكير عندهم أفصح ، وبه جاء القرآن ، والتأنيث عندهم جائز لأنه بمعنى الحجة ، أي حجة تنطق بشرككم . قاله ابن عباس والضحاك أيضا . وقال علي بن سليمان عن أبي العباس محمد بن يزيد قال : سلطان جمع سليط . مثل رغيف ورغفان ، فتذكيره على معنى الجمع وتأنيثه على معنى الجماعة . وقد مضى في " آل عمران " الكلام في السلطان أيضا مستوفى{[12507]} . والسلطان : ما يدفع به الإنسان عن نفسه أمرا يستوجب به عقوبة ؛ كما قال تعالى : " أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " {[12508]} [ النمل : 21 ] .


[12507]:راجع ج 4 ص 233.
[12508]:راجع ج 13 ص 176 فما بعد.