{ 4 }{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } هذا حث من الله لعباده على الجهاد في سبيله وتعليم لهم كيف يصنعون وأنه ينبغي [ لهم ] أن يصفوا في الجهاد صفا متراصا متساويا ، من غير خلل يقع{[1070]} في الصفوف ، وتكون صفوفهم على نظام وترتيب به تحصل المساواة بين المجاهدين والتعاضد وإرهاب العدو وتنشيط بعضهم بعضا ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حضر القتال ، صف أصحابه ، ورتبهم في مواقفهم ، بحيث لا يحصل اتكال بعضهم على بعض ، بل تكون كل طائفة منهم مهتمة بمركزها وقائمة بوظيفتها ، وبهذه الطريقة تتم الأعمال ويحصل الكمال .
ثم وكد تعالى الإخبار بمحبته للمقاتلين { صفاً } ، ومحبة الله تعالى هي ما يظهر عليهم من نصره وكرامته وهي صفة فعل وليست بمعنى الإرادة ، لأن الإرادة لا يصح أن يقع ما يخالفها ، ونحن نجد المقاتلين على غير هذه الصفة كثيراً ، وقال بعض الناس : قتال الرجالة{[11069]} أفضل من قتال الفرسان لأن التراص فيه يتمكن ، وهذا ضعيف خفي على قائله مقصد الآية ، وليس المراد نفي التصاف وإنما المقصد الجد في كل أوطان القتال وأحواله ، وقصد بالذكر أشد الأحوال وهي الحالة التي تحوج إلى القتال { صفاً } متراصاً ، ونابت هذه الحال المذكورة مناب جميع الأحوال ، وقضت الآية بأن الذين يبلغ جدهم إلى هذه الحال حريون بأن لا يقصروا عن حال ، و { المرصوص } المصفوف المتضام ، وقال أبو بحرية{[11070]} رحمه الله : إذا رأيتموني ألتفت في الصف فجبوا فؤادي ومنه قول الشاعر [ ابن أبي العنبس الثقفي ] : [ مجزوء الكامل ]
وبالشعب بين صفائح . . . صم ترصص بالجنوب{[11071]}
وقال منذر بن سعيد والبراء وغيره : { المرصوص } المعقود بالرصاص ، وهذا يحتمل أن يكون أصل اللفظة .
هذا جواب على تمنيهم معرفةَ أحب الأعمال إلى الله كما في حديث عبد الله بن سَلام عند الترمذي المتقدم وما قبله توطئة له على أسلوب الخطب ومقدماتها .
والصف : عَدد من أشياء متجانبة منتظمة الأماكن ، فيطلق على صف المصلين ، وصفِّ الملائكة ، وصف الجيش في ميدان القتال بالجيش إذا حضر القتال كان صفّاً من رَجَّالة أو فرسان ثم يَقع تقدم بعضهم إلى بعض فرادى أو زرافات .
فالصفّ هنا : كناية عن الانتظام والمقاتلة عن تدبّر .
وأما حركات القتال فتعرض بحسب مصالح الحرب في اجتماع وتفرق وكرّ وفّر . وانتصب { صفاً } على الحال بتأويل : صافّين ، أو مصفوفين .
والمرصوص : المتلاصق بعضه ببعض . والتشبيه في الثبات وعدم الانفلات وهو الذي اقتضاه التوبيخ السابق في قوله : { لم تقولون ما لا تفعلون } [ الصف : 2 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.