فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ مَّرۡصُوصٞ} (4)

{ إِنَّ الله يُحِبُّ الذين يقاتلون فِي سَبِيلِهِ صَفّاً } قال المفسرون : إن المؤمنين قالوا : وددنا أن الله يخبرنا بأحبّ الأعمال إليه حتى نعمله ولو ذهبت فيه أموالنا وأنفسنا . فأنزل الله : { إِنَّ الله يُحِبُّ الذين يقاتلون } الآية ، وانتصاب { صفاً } على المصدرية ، والمفعول محذوف : أي يصفون أنفسهم صفا ، وقيل : هو مصدر في موضع الحال : أي صافين أو مصفوفين . قرأ الجمهور : { يُقَاتِلُونَ } على البناء للفاعل . وقرأ زيد بن عليّ على البناء للمفعول ، وقرئ ( يقتلون ) بالتشديد ، وجملة : { كَأَنَّهُم بنيان مَّرْصُوصٌ } في محل نصب على الحال من فاعل { يقاتلون } ، أو من الضمير في { صفاً } على تقدير أنه مؤوّل بصافين أو مصفوفين ، ومعنى { مَّرْصُوصٌ } : ملتزق بعضه ببعض ، يقال : رصصت البناء أرصه رصاً : إذا ضممت بعضه إلى بعض . قال الفرّاء : مرصوص بالرصاص . قال المبرد : هو مأخوذ من رصصت البناء : إذا لا يمت بينه وقاربت حتى يصير كقطعة واحدة ، وقيل : هو من الرصيص ، وهو ضمّ الأشياء بعضها إلى بعض ، والتراصّ : التلاصق .

/خ9