النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ مَّرۡصُوصٞ} (4)

{ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً } مصطفين صفوفاً كالصلاة{[2970]} ، لأنهم إذا اصطفوا مثلاً صفين كان أثبت لهم وأمنع من عدوهم ، قال سعيد بن جبير :

هذا تعليم من الله للمؤمنين .

{ كأنهم بنيان مرصوص } فيه وجهان :

أحدهما : أن المرصوص الملتصق بعضه إلى بعض لا ترى فيه كوة ولا ثقباً لأن ذلك أحكم في البناء من تفرقه وكذلك الصفوف ، قاله ابن جبير ، قال الشاعر :

وأشجر مرصوص بطين وجندل *** له شرفات فوقهن نصائب{[2971]}

والثاني : أن المرصوص المبني بالرصاص ، قاله الفراء ، ومنه قول الراجز :

ما لقي البيض من الحرقوص *** يفتح باب المغلق المرصوص


[2970]:أقول إن المراد تماسك الجنود وثباتهم في المعركة لأن الحروب الحديثة قد لا يحتاج فيها إلى اصطفاف وعلى الجندي أن يطور أسلوبه حسب تعليمات القائد وحسب ما يتطلبه الموقف.
[2971]:أشجر: ذو شجر أو تصاوير: وجندل: أي حجارة.