البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ مَّرۡصُوصٞ} (4)

المرصوص ، قال الفرّاء والقاضي منذر بن سعيد : هو المعقود بالرصاص . وقال المبرد : رصصت البناء : لاءمت بين أجزائه وقاربته حتى يصير كقطعة واحدة ، قال الراعي :

ما لقي البيض من الحرقوص *** بفتح باب المغلف المرصوص

الحرقوص : دويبة تولع بالنساء الأبكار ، وقيل : هو من الترصيص ، وهو انصمام الأسنان .

وقرأ زيد بن عليّ : يقاتلون بفتح التاء .

وقيل : قرئ يقتلون ، وانتصب صفاً على الحال ، أي صافين أنفسهم أو مصفوفين ، كأنهم فيء في تراصهم من غير فرجة ولا خلل ، بنيان رص بعضه إلى بعض .

والظاهر تشبيه الذوات في التحام بعضهم ببعض بالبنيان المرصوص .

وقيل : المراد استواء نياتهم في الثبات حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص .

قيل : وفيه دليل على فضل القتال راجلاً ، لأن الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة ؛ وصفاً وكأنهم ، قال الزمخشري : حالان متداخلان .

وقال الحوفي : كأنهم في موضع النعت لصفاً . انتهى .

ويجوز أن يكونا حالين من ضمير يقاتلون .