قوله تعالى : { لقد أرسلنا نوحا إلى قومه } . وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ ، وهو إدريس ، وهو أول نبي بعث بعد إدريس ، وكان نجارًا ، بعثه الله إلى قومه وهو ابن خمسين سنة ، وقال ابن عباس : ابن أربعين سنة ، وقيل : بعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة ، وقال مقاتل : ابن مائة سنة ، وقال ابن عباس : سمي نوحاً لكثرة ما ناح على نفسه ، واختلفوا في سبب نوحه فقال بعضهم : لدعوته على قومه بالهلاك ، وقيل : لمراجعته ربه في شأن ابنه كنعان ، وقيل : لأنه مر بكلب مجذوم ، فقال : اخسأ يا قبيح ، فأوحى الله تعالى إليه : أعبتني أم عبت الكلب ؟
قوله تعالى : { يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } ، قرأ أبو جعفر والكسائي { من إله غيره } ، بكسر الراء حيث كان ، على نعت الإله ، وافق حمزة في سورة فاطر : { هل من خالق غير الله } [ فاطر :3 ] ، وقرأ الآخرون برفع الراء على التقديم ، تقديره : ما لكم غيره من إله .
{ 59 - 64 } { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ }{[313]}
إلى آخر القصة لما ذكر تعالى من أدلة توحيده جملة صالحة ، أيد ذلك بذكر ما جرى للأنبياء الداعين إلى توحيده مع أممهم المنكرين لذلك ، وكيف أيد اللّه أهل التوحيد ، وأهلك من عاندهم ولم يَنْقَدْ لهم ، وكيف اتفقت دعوة المرسلين على دين واحد ومعتقد واحد ، فقال عن نوح - أول المرسلين - : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ } يدعوهم إلى عبادة اللّه وحده ، حين كانوا يعبدون الأوثان { فَقَالَ } لهم : { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ } أي : وحده { مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } لأنه الخالق الرازق المدبِّر لجميع الأمور ، وما سواه مخلوق مدبَّر ، ليس له من الأمر شيء ، ثم خوفهم إن لم يطيعوه عذاب اللّه ، فقال : { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } وهذا من نصحه عليه الصلاة والسلام وشفقته عليهم ، حيث خاف عليهم العذاب الأبدي ، والشقاء السرمدي ، كإخوانه من المرسلين الذين يشفقون على الخلق أعظم من شفقة آبائهم وأمهاتهم ، فلما قال لهم هذه المقالة ، ردوا عليه أقبح رد .
اللام لام القسم ، قال الطبري أقسم الله تعالى أنه أرسل نوحاً ، وقالت فرقة من المفسرين : سمي نوحاً لأنه كان ينوح على نفسه .
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف ، قال سيبويه : نوح ولوط وهود أسماء أعجمية إلا أنها حقيقة فلذلك صرفت ، وهذه نذارة من نوح لقومه دعاهم إلى عبادة الله وحده ورفض آلهتهم المسماة وداً وسواعاً ويغوث ويعوق وغيرها مما لم يشتهر ، وقرأ الكسائي وحده «غيرِه » بالرفع ، وقرأ حمزة والكسائي «هل من خالق غير الله » خفضاً ، وقرأ الباقون : «غيرُ الله » رفعاً والرفع في قراءة الجماعة هنا على البدل من قوله { من إله } لأن موضع قوله { من إله } رفع ، وهو الذي رجح الفارسي ، ويجوز أن يكون نعتاً على الموضع لأن التقرير ما لكم إله غيره ، أو يقدر «غير » ب «إلا » فيعرب بإعراب ما يقع بعد «إلا » ، وقرأ عيسى بن عمر «غيرَه » بنصب الراء على الاستثناء ، قال أبو حاتم : وذلك ضعيف من أجل النفي المتقدم ، وقوله { عذاب } يحتمل أن يريد عذاب الدنيا ويحتمل أن يريد به عذاب الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.