تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (59)

الآية 59 وقوله تعالى : { لقد أرسلنا نوحا إلى قومه } كما أرسلناك إلى قومك ، ولست أنت بأول رسول كقوله تعالى : { قل ما كنت بدعا من الرسل } [ الأحقاف : 9 ]

وفيه دلالة أن الإيمان يصح بالأنبياء والرسل [ وإن لم تعرف أنسابهم ؛ لأن الله عز وجل ذكر الأنبياء والرسل ]{[8524]} بأساميهم ، ولم يذكر أنسابهم . دل ذلك أن الإيمان يكون بهم ، وإن لم تعرف أنسابهم ، وكذلك يصح الإيمان وإن لم تعرف أسماؤهم ؛ لأن{[8525]} [ من الأنبياء من لا يعرف اسمه ، فيصح الإيمان بالجملة ]{[8526]} الأنبياء ؛ وإن لم تعرف أسماؤهم .

وفي ذلك دلالة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن رسالة نوح ، فدل أنه بالله عرف ذلك .

وقوله تعالى : { فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } قيل : قوله تعالى : { اعبدوا الله } أي وحّدوا الله ، سمّوا التوحيد عبادة ، لأن العبادة لا تكون ، ولا تصح إلا بالتوحيد فيها لله خالصا ، سمّي بذلك مجازا أن يكون عبادة .

وقوله تعالى : { ما لكم من إله غيره } أي ما لكم من الإله الحق الذي تثبت ألوهيته وربوبيته بالدلائل من إله غيره .

وقوله تعالى : { إني أخاف عليكم عذاب يوم } قال بعضهم : { إني أخاف } إني أعلم أنه ينزل عليكم عذاب يوم عظيم إن كنتم على هذا . وقال بعضهم : الخوف هو{[8527]} خوف إشفاق ، وذلك يحتمل أن يكون في الوقت الذي كان يطمع إيمان قومه ، ثم آيسه الله عن إيمان قومه بقوله تعالى : { لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } [ هود : 36 ] .

وقوله تعالى : { عذاب يوم عظيم } للخلق كقوله تعالى : { يوم يقوم الناس لرب العالمين } [ المطففين : 5و6 ] وهو عظيم للخلق على ما وصف .


[8524]:من م، ساقطة من الأصل.
[8525]:ساقطة من م.
[8526]:من م، ساقطة من الأصل.
[8527]:في الأصل وم: وهو.