الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (59)

{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ } وهو نوح بن ملك بن متوشلح بن اخنوخ ، وهو إدريس بن مهلائيل بن يزد بن قيثان ابن انوش بن شيث بن آدم عليهم السلام ، وهو أول نبي بعد إدريس وكان نجاراً بعثه الله عزّ وجلّ إلى قومه وهو ابن خمسين سنة فقال لهم : { يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } قرأ محمد بن السميقع ( غيره ) بالنصب .

قال الفراء : بعض بني [ أسد وقضاعة أجاز نصب [ غير ] في كل موضع يحسن فيه " إلا " ] تمّ الكلام قبلها أو لم يتم فيقولون : ما جاءني مشرك وما أتاني أحد غيرك . فأنشد الفضل :

لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت *** حمامة في ذات أو قال

وقال الزجاج : قد يكون النصب من وجهين : أحدهما الاستثناء من غير [ جنسه ] .

والثاني الحال من قوله { اعْبُدُواْ اللَّهَ } لأن " غيره " نكرة ، وإن أضيف إلى المعارف . وقرأ أبو جعفر ويحيى بن وثّاب والأعمش والكسائي : { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } بكسر الراء على نعت الإله ، واختاره أبو عبيد ليكون كلاماً واحداً .

وقرأ الباقون ( غيره ) بالرفع على وجهين : أحدهما : التقديم وإن كان مؤخّراً في اللفظ تقديره : مالكم غيره من إله غيره .

والثاني أن يجعله نعت التأويل الاله لأن المعنى مالكم إله غيره { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ } إن لم تؤمنوا { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ *