فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (59)

{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا } جواب قسم محذوف . فإن قلت : ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام ، إلاّ مع «قد » وقلّ عنهم ، نحو قوله :

حَلَفْتُ لَهَا بِاللَّهِ حِلْفَةَ فَاجِر *** لَنَامُوا . . . . . . . . . . . .

قلت : إنما كان ذلك لأن الجملة القسمية لا تساق إلاّ تأكيداً للجملة المقسم عليها ، التي هي جوابها ، فكانت مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى «قد » عند استماع المخاطب كلمة القسم . قيل : أرسل نوحاً عليه السلام وهو ابن خمسين سنة ، وكان نجاراً وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وأخنوخ اسم إدريس النبي عليه السلام . وقرئ : «غيره » بالحركات الثلاث ، فالرفع على المحل ، كأنه قيل : ما لكم إله غيره . والجرّ على اللفظ والنصب على الاستثناء بمعنى : ما لكم من إله إلاّ إياه ، كقولك : ما في الدار من أحد إلاّ زيد أو غير زيد . فإن قلت : فما موقع الجملتين بعد قوله : { اعبدوا الله } ؟ قلت : الأولى بيان لوجه اختصاصه بالعبادة . والثانية : بيان للداعي إلى عبادته لأنه هو المحذور عقابه دون ما كانوا يعبدونه من دون الله واليوم العظيم يوم القيامة أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان .