معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (68)

قوله تعالى : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا } ، يعني : في القرآن بالاستهزاء . قوله تعالى : { فأعرض عنهم } ، فاتركهم ولا تجالسهم .

قوله تعالى : { حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك } ، قرأ ابن عامر بفتح النون ، وتشديد السين ، وقرأ الآخرون بسكون النون وتخفيف السين .

قوله تعالى : { الشيطان } ، نهينا .

قوله تعالى : { فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } ، يعني : إذا جلست معهم ناسياً فقم من عندهم بعدما تذكرت .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (68)

المراد بالخوض في آيات الله : التكلم بما يخالف الحق ، من تحسين المقالات الباطلة ، والدعوة إليها ، ومدح أهلها ، والإعراض عن الحق ، والقدح فيه وفي أهله ، فأمر الله رسوله أصلا ، وأمته تبعا ، إذا رأوا من يخوض بآيات الله بشيء مما ذكر ، بالإعراض عنهم ، وعدم حضور مجالس الخائضين بالباطل ، والاستمرار على ذلك ، حتى يكون البحث والخوض في كلام غيره ، فإذا كان في كلام غيره ، زال النهي المذكور .

فإن كان مصلحة كان مأمورا به ، وإن كان غير ذلك ، كان غير مفيد ولا مأمور به ، وفي ذم الخوض بالباطل ، حث على البحث ، والنظر ، والمناظرة بالحق . ثم قال : { وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ } أي : بأن جلست معهم ، على وجه النسيان والغفلة . { فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يشمل الخائضين بالباطل ، وكل متكلم بمحرم ، أو فاعل لمحرم ، فإنه يحرم الجلوس والحضور عند حضور المنكر ، الذي لا يقدر على إزالته .

هذا النهي والتحريم ، لمن جلس معهم ، ولم يستعمل تقوى الله ، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم ، أو يسكت عنهم ، وعن الإنكار ، فإن استعمل تقوى الله تعالى ، بأن كان يأمرهم بالخير ، وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم ، فيترتب على ذلك زوال الشر أو تخفيفه ، فهذا ليس عليه حرج ولا إثم ، ولهذا قال :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (68)

{ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا } بالتكذيب والاستهزاء بها والطعن فيها . { فأعرض عنهم } فلا تجالسهم وقم عنهم . { حتى يخوضوا في حديث غيره } أعاد الضمير على معنى الآيات لأنها القرآن . { وإما ينسينك الشيطان } بأن يشغلك بوسوسته حتى تنسى النهي . وقرأ ابن عامر { ينسيك } بالتشديد . { فلا تقعد بعد الذكرى } بعد أن تذكره . { مع القوم الظالمين } أي معهم ، فوضع الظاهر موضع المضمر دلالة على أنهم ظلموا بوضع التكذيب والاستهزاء موضع التصديق والاستعظام .