غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (68)

61

ثم بين أن أولئك المكذبين إن ضموا إلى كفرهم وتكذيبهم الاستهزاء بالدين والطعن في الرسول فإنه يجب الاحتراز عن مجالستهم فقال { وإذا رأيت } أيها السامع { الذين يخوضون في آياتنا } والخوض في اللغة عبارة عن المفاوضة على وجه اللغو والعبث ، ويقرب منه قول المفسرين إنه في الآية الشروع في آيات الله على سبيل الطعن والاستهزاء ، وكانت قريش في أنديتهم يفعلون ذلك { فأعرض عنهم } بالقيام عنهم لقوله بعد ذلك { فلا تقعد بعد الذكرى } وقيل : المطلوب إظهار الإنكار وكل طريق أفاد هذا الغرض وإن كان غير القيام عن مجلسهم فإنه يجوز المصير إليه ، هذا عند عدم الخوف ، أما مع الخوف فهذا الفرض ساقط والتقية واجبة . نعم كل ما أوجب على الرسول صلى الله عليه وسلم فعله وجب عليه ، سواء ظهر أثر الخوف أو لم يظهر وإلا لم يبق الاعتماد على التكاليف التي يبلغها { وإما ينسينك الشيطان } أي يشغلك بوسوسته حتى تنسى النهي عن مجالستهم { فلا تقعد بعد الذكرى } بعد أن تذكر النهي { مع القوم الظالمين } أي معهم فوضع الظاهر موضع المضمر تسجيلاً عليهم بالظلم . قال الليث : الذكرى اسم للتذكرة . وقال الفراء : هي الذكر . قال في الكشاف بناء على مذهبه : يجوز أن يراد وإن كان الشيطان ينسيك قبل النهي قبح مجالسة المستهزئين لأنها مما تنكره العقول فلا تقعد بعد الذكرى ، بعد أن ذكرناك قبحها ونبهناك عليه معهم . قال الجبائي : إذا كان عدم العلم بالشيء يوجب سقوط التكليف ، فعدم القدرة على الشيء أولى بأن يوجب سقوط التكليف ، فعدم القدرة على الشيء أولى بأن يوجب سقوط التكليف ، وهذا يدل على أن تكليف ما لا يطاق لا يقع ، ويدل على أن الاستطاعة حاصلة قبل الفعل لأنها لو لم تحصل إلا مع الفعل لم يكن الكافر قادراً على الإيمان فوجب أن لا يتوجه عليه الأمر بالإيمان .

/خ73