قوله تعالى : { قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني } ، الذي أدعوكم إليه . فإن قيل : كيف قال : إن كنتم في شك ، وهم كانوا يعتقدون بطلان ما جاء به ؟ . قيل : كان فيهم شاكون ، فهم المراد بالآية ، أو أنهم لما رأوا الآيات اضطربوا وشكوا في أمرهم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم . قوله عز وجل : { فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله } ، من الأوثان ، { ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم } ، يميتكم ويقبض أرواحكم .
{ 104 - 106 } { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ }
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، سيد المرسلين ، وإمام المتقين وخير الموقنين : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي ْ } أي : في ريب واشتباه ، فإني لست في شك منه ، بل لدي العلم اليقيني أنه الحق ، وأن ما تدعون من دون الله باطل ، ولي على ذلك ، الأدلة الواضحة ، والبراهين الساطعة .
ولهذا قال : { فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ْ } من الأنداد ، والأصنام وغيرها ، لأنها لا تخلق ولا ترزق ، ولا تدبر شيئًا من الأمور ، وإنما هي مخلوقة مسخرة ، ليس فيها ما يقتضي عبادتها .
{ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ْ } أي : هو الله الذي خلقكم ، وهو الذي يميتكم ، ثم يبعثكم ، ليجازيكم بأعمالكم ، فهو الذي يستحق أن يعبد ، ويصلى له ويخضع ويسجد . { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين
يقول تعالى لرسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه : قل : يا أيها الناس إن كنتم في شك من صحة ما جئتكم من الدين الحنيف ، الذي أوحاه الله إلي ، فها أنا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ، ولكن أعبد الله وحده لا شريك له ، وهو الذي يتوفاكم كما أحياكم ، ثم إليه مرجعكم ؛ فإن كانت آلهتكم التي تدعون من دون الله{[14446]} حقا ، فأنا لا أعبدها{[14447]} فادعوها فلتضرني ، فإنها لا تضر ولا تنفع ، وإنما الذي بيده الضر والنفع هو الله وحده لا شريك له ، وأمرت أن أكون من المؤمنين .
{ قل يا أيها الناس } خطاب لأهل مكة . { إن كنتم في شك من ديني } وصحته . { فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم } فهذا خلاصة ديني اعتقادا وعملا فاعرضوها على العقل الصرف وانظروا فيها بعين الانصاف لتعلموا صحتها وهو أني لا اعبد ما تخلقونه وتعبدونه ، ولكن أعبد خالقكم الذي هو يوجدكم ويتوفاكم . وإنما خص التوفي بالذكر للتهديد . { وأُمرت أن أكون من المؤمنين } بما دل عليه العقل ونطق به الوحي ، وحذف الجار من أن يجوز أن يكون من المطرد مع أن وأن يكون من غيره كقوله :
أمرتُك الخير فافعل ما أُمرت به *** فقد تركتك ذا مال وذا نسبِ .
وقوله تعالى : { قل يا أيها الناس } الآية ، مخاطبة عامة للناس أجمعين إلى يوم القيامة يدخل تحتها كل من اتصف بالشك في دين الإسلام ، وهذه الآية يتسق معناها بمحذوفات يدل عليها هذا الظاهر الوجيز ، والمعنى إن كنتم في شك من ديني فأنتم لا تعبدون الله فاقتضت فصاحة الكلام وإيجازه اختصار هذا كله ، ثم صرح بمعبوده وخص من أوصافه { الذي يتوفاكم } لما فيها من التذكير للموت وقرع النفوس به ، والمصير إلى الله بعده والفقد للأصنام التي كانوا يعتقدونها ضارة ونافعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.