الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

{ يا أَيُّهَا الناس } يا أهل مكة { إِن كُنتُمْ فِى شَكّ مّن دِينِى } وصحته وسداده ، فهذا ديني فاسمعوا وصفه ، واعرضوه على عقولكم ، وانظروا فيه بعين الإنصاف ، لتعلموا أنه دين لا مدخل فيه للشكّ ، وهو أني لا أعبد الحجارة التي تعبدونها من دون من هو إلهكم وخالقكم { ولكن أَعْبُدُ الله الذى يَتَوَفَّاكُمْ } وإنما وصفه بالتوفي ، ليريهم أنه الحقيق بأن يخاف ويتقي ، فيعبدون دون ما لا يقدر على شيء { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المؤمنين } يعني أنّ الله أمرني بذلك ، بما ركب فيّ من العقل ، وبما أوحي إليّ في كتابه . وقيل : معناه إن كنتم من ديني ومما أنا عليه أثبت عليه أن تركه وأوافقكم فلا تحدّثوا أنفسكم بالمحال ولا تشكوا في أمري ، واقطعوا عني أطماعكم ، واعلموا أني لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ، ولا اختار الضلالة على الهدى ، كقوله : { قُلْ يا أَيُّهَا الكافرون لا أعبد ما تعبدون } [ الكافرون : 1-2 ] . { أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ } أصله : بأن أكون ، فحذف الجار ، وهذا الحذف يحتمل أن يكون من الحذف المطرد الذي هو حذف الحروف الجارّة مع «أن » و «أن » . وأن يكون من الحذف غير المطرد ، وهو قوله : أمرتك الخير فاصدع بما تؤمر .