فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

قوله : { قُلْ يا أَيُّهَا الناس إِن كُنتُمْ فِي شَكّ مّن دِينِي } أمر سبحانه رسوله بأن يظهر التباين بين طريقته وطريقة المشركين ، مخاطباً لجميع الناس ، أو للكفار منهم ، أو لأهل مكة على الخصوص بقوله : إن كنتم في شك من ديني الذي أنا عليه ، وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، ولم تعلموا بحقيقته ولا عرفتم صحته ، وأنه الدين الحق الذي لا دين غيره ، فاعلموا أني بريء من أديانكم التي أنتم عليها { فَلاَ أَعْبُدُ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله } في حال من الأحوال { ولكن أَعْبُدُ الله الذي يَتَوَفَّاكُمْ } أي أخصه بالعبادة ، لا أعبد غيره من معبوداتكم من الأصنام وغيرها ، وخصّ صفة المتوفى من بين الصفات لما في ذلك من التهديد لهم : أي : أعبد الله الذي يتوفاكم فيفعل بكم ما يفعل من العذاب الشديد ، ولكونه يدل على الخلق أوّلاً ، وعلى الإعادة ثانياً ، ولكونه أشدّ الأحوال مهابة في القلوب ، ولكونه قد تقدّم ذكر الإهلاك ، والوقائع النازلة بالكفار من الأمم السابقة ، فكأنه قال : أعبد الله الذي وعدني بإهلاككم . ولما ذكر أنه لا يعبد إلا الله ، بين أنه مأمور بالإيمان فقال : { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المؤمنين } أي : بأن أكون من جنس من آمن بالله ، وأخلص له الدين .

/خ109