الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

قوله تعالى : { فَلاَ أَعْبُدُ } : جواب الشرط ، والفعل خبر ابتداء مضمر تقديره : فأنا لا أعبد ، ولو وقع المضارعُ منفياً ب " لا " دون فاء لَجُزِمَ ، ولكنه مع الفاءِ يُرْفَع على ما ذكرت لك ، وكذا لو لم يُنْفَ ب " لا " كقولِه تعالى : { وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ } [ المائدة : 95 ] . أي : فهو ينتقم .

قوله : { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ } ، قال الزمخشري : " أصله بأن أكونَ " ، فحُذِفَ الجارُّ ، وهذا الحذفُ يحتمل أن يكونَ مِنَ الحذف المطَّرد الذي هو حَذْفُ الحروفِ الجارَّةِ مع أَنْ [ وأنَّ ] ، وأن يكونَ مِن الحذفِ غيرِ المطرد وهو قوله :

2632 أَمَرْتُكَ الخيرَ . . . . . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } [ الحجر : 94 ] . قلت : يعني بغيرِ المطَّرد أنَّ حذفَ حرف الجر مسموعٌ في أفعالٍ لا يجوز القياسُ عليها وهي : أمر واستغفر ، وقد ذكرتُها فيما تقدَّم ، وأشار بقوله : " أمرتك " إلى البيت المشهور :أَمَرْتُك الخيرَ فافعلْ ما أُمِرْت به *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقد قاس ذلك بعضُ النحويين ، ولكن يُشترط أن يتعيَّن ذلك الحرف ويتعيَّن موضعُه أيضاً ، وهو رأي علي بن سليمان فيُجيز " بريتُ القلمَ السكين " بخلاف " صَكَكْت الحجرَ بالخشبة " .