معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّـٰخِلِينَ} (10)

ثم ضرب الله مثلاً للصالحين والصالحات من النساء فقال جل ذكره : { ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح } واسمها واعلة ، { وامرأة لوط } واسمها واهلة . وقال مقاتل : والعة ووالهة . { كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين } وهما نوح ولوط عليهما السلام ، { فخانتاهما } قال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط وإنما كانت خيانتهما أنهما كانتا على غير دينهما ، فكانت امرأة نوح تقول للناس : إنه مجنون ، وإذا آمن به أحد أخبرت به الجبابرة ، وأما امرأة لوط فإنها كانت تدل قومه على أضيافه ، إذا نزل به ضيف بالليل أوقدت النار ، وإذا نزل بالنهار دخنت ليعلم قومه أنه نزل به ضيف . وقال الكلبي : أسرتا النفاق وأظهرتا الإيمان . { فلم يغنيا عنهما من الله شيئا } لم يدفعا عنهما مع نبوتهما عذاب الله ، { وقيل ادخلا النار مع الداخلين } قطع الله بهذه الآية طمع كل من يركب المعصية أن ينفعه صلاح غيره .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّـٰخِلِينَ} (10)

{ 10 - 12 } { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }

هذان المثلان اللذان ضربهما الله للمؤمنين والكافرين ، ليبين لهم أن اتصال الكافر بالمؤمن وقربه منه لا يفيده شيئًا ، وأن اتصال المؤمن بالكافر لا يضره شيئًا مع قيامه بالواجب عليه .

فكأن في ذلك إشارة وتحذيرًا لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، عن المعصية ، وأن اتصالهن به صلى الله عليه وسلم ، لا ينفعهن شيئًا مع الإساءة ، فقال :

{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا } أي : المرأتان { تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ } وهما نوح ، ولوط عليهما السلام .

{ فَخَانَتَاهُمَا } في الدين ، بأن كانتا على غير دين زوجيهما ، وهذا هو المراد بالخيانة لا خيانة النسب والفراش ، فإنه ما بغت امرأة نبي قط ، وما كان الله ليجعل امرأة أحد من أنبيائه بغيًا ، { فَلَمْ يُغْنِيَا } أي : نوح ولوط { عَنْهُمَا } أي : عن امرأتيهما { مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ } لهما { ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّـٰخِلِينَ} (10)

ثم قال : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا } أي : في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم ، أن ذلك لا يجدي عنهم شيئًا ولا ينفعهم عند الله ، إن لم يكن الإيمان حاصلا في قلوبهم ، ثم ذكر المثل فقال : { اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ } أي : نبيين رسولين عندهما في صحبتها{[29080]} ليلا ونهارًا يؤاكلانهما ويضاجعانهما ويعاشرانهما أشد العشرة والاختلاط { فَخَانَتَاهُمَا } أي : في الإيمان ، لم يوافقاهما على الإيمان ، ولا صدقاهما في الرسالة ، فلم يُجْد ذلك كلَه شيئًا ، ولا دفع عنهما محذورا ؛ ولهذا قال : { فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } أي : لكفرهما ، { وَقِيلَ } أي : للمرأتين : { ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } وليس المراد : { فَخَانَتَاهُمَا } في فاحشة ، بل في الدين ، فإن نساء الأنبياء معصوماتٌ عن الوقوع في الفاحشة ؛ لحرمة الأنبياء ، كما قدمنا في سورة النور .

قال سفيان الثوري ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سليمان بن قتة : سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية { فَخَانَتَاهُمَا } قال : ما زنتا ، أما امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون ، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه .

وقال العَوفي ، عن ابن عباس قال : كانت خيانتهما أنهما كانتا على عَورتيهما فكانت امرأة نُوح تَطَلع على سر نُوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحدًا أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء .

وهكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وغيرهم .

[ وقال الضحاك عن ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، إنما كانت خيانتهما في الدين ]{[29081]} .

وقد استدل بهذه الآية الكريمة بعضُ العلماء على ضعف الحديث الذي يأثرُه كثير من الناس : من أكل مع مغفور له غفر له . وهذا الحديث لا أصل له ، وإنما يروى هذا عن بعض الصالحين أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : يا رسول الله ، أنت قلت : من أكل مع مغفور له غفر ؟ قال : " لا ولكني الآن أقوله " {[29082]} .


[29080]:- (2) في م: "في صحبتاهما".
[29081]:- (3) زيادة من م.
[29082]:- (4) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا ليس له إسناد عند أهل العلم ولا هو في شيء من كتب المسلمين، وإنما يروونه عن سنان، وليس معناه صحيحًا على الإطلاق، فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون" أ. هـ نقله الألباني في الضعيفة (1/326) وذكره الإمام ابن القيم في المنار المنيف (ص 140) وقال: "موضوع، وغاية ما روي فيه أنه منام رآه بعض الناس".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّـٰخِلِينَ} (10)

ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط مثل الله تعالى حالهم في أنهم يعاقبون بكفرهم ولا يحابون بما بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من النسبة بحالهما كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين يريد به تعظيم نوح ولوط عليهما السلام فخانتاهما بالنفاق فلم يغنيا عنهما من الله شيئا فلم يغن النبيان عنهما بحق الزواج شيئا إغناء ما وقيل أي لهما عند موتهما أو يوم القيامة ادخلا النار مع الداخلين مع سائر الداخلين من الكفرة الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء عليهم السلام .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّـٰخِلِينَ} (10)

واختلف الناس في خيانة هاتين المرأتين ، فقال ابن عباس وغيره : خانتا في الكفر ، وفي أن امرأة نوح كانت تقول للناس : إنه مجنون ، وأن امرأة لوط كانت تنم إلى قومه متى ورده ضيف فتخبر به ، وقال ابن عباس : وما بغت زوجة نبي قط ، ولا ابتلي الأنبياء في نسائهم بهذا ، وقال الحسن في كتاب النقاش : خانتاهما بالكفر والزنا وغيره ، وقرأ الجمهور : «يغنيا » بالياء ، وقرأ مبشر بن عبيد : «تغنيا » بالتاء من فوق .