{ ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ( 10 ) }
{ ضرب الله مثلا للذين كفروا } قد تقدم غير مرة أن المثل قد يراد به إيراد حالة غريبة تعرف بها حالة أخرى مماثلة لها في الغرابة ، أي جعل الله مثلا لحال هؤلاء الكفار في أنهم يعاقبون لكفرهم ، وأنه لا يغني أحد عن أحد { امرأة نوح } واسمها واهلة ، وقيل : والهة { وامرأة لوط } واسمها واعلة ، وقيل : والعة ، وهذا هو المفعول الأول ، ( ومثلا ) المفعول الثاني حسبما قدمنا تحقيقه ، وإنما أخر ليتصل به ما هو تفسير له وإيضاح لمعناه ، وترسم ( امرأت ) في هذه المواضع الثلاثة ( وابنت ) بالتاء المجرورة ، ويوقف عليهم بالهاء والتاء .
{ كانت تحت عبدين من عبادنا صالحين } وهما نوح ولوط عليهما السلام ، أي كانتا في عصمة نكاحهما ، وهذه جملة مستأنفة كأنها مفسرة لضرب المثل ، ولم يؤت بضميرهما فيقال : تحتهما لما قصد من تشريفهما بهذه الإضافة الشريفة وفي ذلك مبالغة في المعنى المقصود وهو أن الإنسان لا ينفعه عادة إلا صلاح نفسه لا صلاح غيره ، وإن كان ذلك الغير في أعلى مراتب الصلاح والقرب من الله تعالى { فخانتاهما } أي فوقعت منهما الخيانة لهما .
" قال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط " ، ورواه ابن عساكر مرفوعا . " عنه قال : ما زنتا ، أما خيانة امرأة نوح فكانت تقول للناس : إنه مجنون ، وأما خيانة امرأة لوط ، فكانت تدل على الضيف فتلك خيانتهما " .
وقال عكرمة والضحاك : بالكفر ، وقد وقعت الأدلة الإجماعية على أنها ما زنت امرأة نبي قط ، وقيل : كانت خيانتهما النفاق وقيل : خانتاهما بالنميمة .
{ فلم يغنيا عنهما من الله شيئا } أي فلم ينفعهما نوح ولوط بسبب كونهما زوجتين لهما شيئا من النفع ، ولا دفعا عنهما من عذاب الله مع كرامتهما على الله ، ونبوتهما شيئا من الدفع ، وفيه تنبيه على أن العذاب يدفع بالطاعة لا بالوسيلة { وقيل } أي ويقال لهما في الآخرة أو عند موتهما :
{ ادخلا النار مع الداخلين } لها من أهل الكفر والمعاصي ، وقال يحيى ابن سلام : " ضرب الله مثلا للذين كفروا يحذر به عائشة ، وحفصة من المخالفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين تظاهرتا عليه ، وما أحسن ما قال ، فإن ذكر امرأتي النبيين بعد ذكر قصتهما ومظاهرتهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشد أتم إرشاد ويلوح أبلغ تلويح إلى أن المراد تخويفهما مع سائر أمهات المؤمنين ، وبيان أنهما وإن كانت تحت عصمة خير خلق الله وخاتم رسله ، فإن ذلك لا يغني عنهما من الله شيئا ، وقد عصمهما الله سبحانه عن ذنب تلك المظاهرة بما وقع منهما من التوبة الصحيحة الخالصة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.