بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّـٰخِلِينَ} (10)

قوله تعالى : { ضَرَبَ الله مَثَلاً } يعني : وصف الله شبهاً لكفار مكة ، وذلك أنهم استهزؤوا وقالوا : إن محمداً صلى الله عليه وسلم يشفع لنا . فبيّن الله تعالى أن شفاعته عليه السلام لا تنفع لكفار مكة ، كما لا تنفع شفاعة نوح لامرأته . وشفاعة لوط لامرأته . وذلك قوله : { لّلَّذِينَ كَفَرُواْ امرأت نُوحٍ } واسمها واعلة ، { وامرأة لوط } واسمها داهلة . ويقال : فيه تخويف لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ليثبتن على دينه وطاعته .

ثم قال : { كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صالحين } يعني : نوحاً ولوطاً عليهما السلام { فَخَانَتَاهُمَا } يعني : خالفتاهما في الدين . وروي عن ابن عباس أنه قال : ما زنت امرأة نبي قط ، وما كانت خيانتهما إلا في الدين . فأما امرأة نوح كانت تخبر الناس أنه مجنون ، وأما امرأة لوط كانت تدل على الأضياف . وقال عكرمة : الخيانة في كل شيء ليس في الزنى . { فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ الله شَيْئاً } يعني : لم يمنعهما صلاح زوجيهما مع كفرهما من الله شيئاً ، يعني : من عذاب الله شيئاً . { وَقِيلَ } لهما في الآخرة : { ادخلا النار مَعَ الدخلين } ، فكذلك كفار مكة ، وإن كانوا أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم ، لا ينفعهم صلاح النبي صلى الله عليه وسلم . وكذلك أزواجه ، إذا خالفنه .