معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ} (3)

{ والذي قدر فهدى } قرأ الكسائي : { قدر } بتخفيف الدال ، وشددها الآخرون ، وهما بمعنىً واحد . قال مجاهد : هدى الإنسان لسبيل الخير والشر ، والسعادة والشقاوة وهدى الأنعام لمراتعها . وقال مقاتل والكلبي : قدر لكل شيء مسلكه ، { فهدى } : عرفها كيف يأتي الذكر والأنثى . وقيل : قدر الأرزاق وهدى لاكتساب الأرزاق والمعاش . وقيل : خلق المنافع في الأشياء ، وهدى الإنسان لوجه استخراجها منها . وقال السدي : قدر مدة الجنين في الرحم ثم هداه للخروج من الرحم . قال الواسطي : قدر السعادة والشقاوة عليهم ، ثم يسر لكل واحد من الطائفتين سلوك سبيل ما قدر عليه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ} (3)

{ وَالَّذِي قَدَّرَ } تقديرًا ، تتبعه جميع المقدرات { فَهَدَى } إلى ذلك جميع المخلوقات .

وهذه الهداية العامة ، التي مضمونها أنه هدى كل مخلوق لمصلحته ، وتذكر فيها نعمه الدنيوية ، ولهذا قال فيها :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ} (3)

وقوله : { وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى } قال مجاهد : هدى الإنسان للشقاوة والسعادة ، وهدى الأنعام لمراتعها .

وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون : { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [ طه : 5 ] أي : قدر قدرا ، وهدى الخلائق إليه ، كما ثبت في صحيح مسلم ، عن عبد الله ابن عَمرو : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله قَدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء " {[29969]} .


[29969]:- (3) صحيح مسلم برقم (2653).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ} (3)

والذي قدر أي قدر أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها فهدى فوجهه إلى أفعاله طبعا واختيارا بخلق الميول والإلهامات ونصب الدلائل وانزال الآيات .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ} (3)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : "وَالّذِي قَدّرَ فَهَدَى" يقول تعالى ذكره : والذي قدّر خلقه فهدى .

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عُني بقوله : "فَهَدَى" ؛

فقال بعضهم : هدى الإنسان لسبيل الخير والشرّ ، والبهائم للمراتع ...

والصواب من القول في ذلك عندنا : أن الله عمّ بقوله "فَهَدَى" الخبر عن هدايته خلقه ، ولم يخصص من ذلك معنى دون معنى ... فالخبر على عمومه ، حتى يأتي خبر تقوم به الحجة ، دالّ على خصوصه .

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

فالتقدير تنزيل الشيء على مقدار غيره ، فالله تعالى خلق الخلق وقدرهم على ما اقتضته الحكمة ( فهدى ) معناه أرشدهم إلى طريق الرشد من الغي ، وهدى كل حيوان إلى ما فيه منفعته ومضرته، حتى إنه تعالى هدى الطفل إلى ثدي أمه وميزه من غيره ، واعطى الفرخ حتى طلب الرزق من أبيه وأمه . ...

جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :

الخلق دون هداية لا يفضي إلى خير ، ولذلك قال تعالى : { قدر فهدى } . ( مقاصد الفلاسفة : 374 )...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وهدايات الله للإنسان إلى ما لا يحدّ من مصالحه وما لا يحصر من حوائجه في أغذيته وأدويته ، وفي أبواب دنياه ودينه ، وإلهامات البهائم والطيور وهوام الأرض : باب واسع ، وشوط بطين ، لا يحيط به وصف واصف ؛ فسبحان ربي الأعلى ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ والذي قدر } أي أوقع تقديره في أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها ، وغير ذلك من أحوالها ، فجعل البطش لليد والمشي للرجل والسمع للأذن والبصر للعين ونحو ذلك { فهدى } أي أوقع بسبب تقديره وعقبه الهداية لذلك الذي وقع التقدير من أجله من الشكل والجواهر والأعراض.....فترى الطفل أول ما يقع من البطن يفتح فاه للرضاعة ، وغيره من سائر الحيوانات ، يهتدي إلى ما ينفعه من سائر الانتفاعات ، فالخلق لا بد له من التسوية ليحصل الاعتدال ، والتقدير لا بد له من الهداية ليحصل الكمال . ...

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

وهنا قدر كل ما خلق ، وهدى كل مخلوق إلى ما قدره له ، ففي العالم العلوي قدَّر مقادير الأمور ، وهدَى الملائكة لتنفيذها ، وقدَّر مسير الأفلاك ، وهداها إلى ما قدر لها ، كل في فلك يسبحون . وفي الأشجار والنباتات قدر لها أزمنة معينة في إيتائها وهدايتها إلى ما قدر لها ، فالجذر ينزل إلى أسفل والنبتة تنمو إلى أعلى ، وهكذا الحيوانات في تلقيحها ونتاجها وإرضاعها ، كل قد هداه إلى ما قدر له ، وهكذا الإنسان . ...

تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :

قدره في حاله ، وفي مآله ، وفي ذاته ، وفي صفاته ، كل شيء له قدر محدود ، فالآجال محدودة ، والأحوال محدودة ، والأجسام محدودة ، وكل شيء مقدر تقديراً كما قال تعالى : { وخلق كل شيء فقدره تقديراً } . وقوله : { فهدى } يشمل الهداية الشرعية ، والهداية الكونية ، الهداية الكونية : أن الله هدى كل شيء لما خلق له ، ... أما الهداية الشرعية وهي الأهم بالنسبة لبني آدم فهي أيضاً بينها الله عز وجل حتى الكفار قد هداهم الله يعني بيّن لهم ، قال الله تعالى : { وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى } [ فصلت : 17 ] . والهداية الشرعية هي المقصود من حياة بني آدم { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [ الذاريات : 56 ] ....

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وبعد ذكر موضوعي الخلق والتنظيم ، تنتقل بنا الآية التالية إلى حركة الموجودات نحو الكمال : ( والذي قدّر فهدى ) . والمراد ب ( قدّر ) ، هو : وضع البرامج ، وتقدير مقادير الأمور اللازمة للحركة باتجاه الأهداف المرسومة التي ما خلقت الموجودات إلاّ لأجلها . ... والمراد ب ( هدى )هنا ، هي : الهداية الكونية ، على شكل غرائز وسنن طبيعية حاكمة على كل موجود ولا فرق في الغرائز والدوافع سواء كانت داخلية أم خارجية ... وبنظرة ممعنة لبناء كلّ موجود ، وما يطويه في فترة عمره من خطوات في مشوار الحياة ، تظهر لنا بوضوح الحقيقة التالية : ثمّة برنامج وتخطيط دقيق يحيط بكل موجود ، وثمّة يد مقتدرة تهديه وتعينه على السير على ضوء ما رسم له، وهذه بحد ذاتها علامة جليّة لربوبية اللّه جلّ وعلا . وقد اختص الإنسان بهداية تشريعية إضافة للهداية التكوينية يتلقاها عن طريق الوحي وإرسال الأنبياء عليهم السلام ، لتكتمل أمامه معالم الطريق من كافة جوانبه . ...