غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ} (3)

1

{ والذي قدر } لكل مخلوق ما يصلح له فهداه إليه وعرّفه وجه الانتفاع به كما يحكى أن الأفعى إذا أتت عليها ألف سنة عميت وقد ألهمها الله أن تمسح العين بورق الرازيانج الرطب فتطلبه إلى أن تجده فيعود بصرها ، وإلهامات البهائم والطيور مشروحة مكتوبة في كتب العجائب . وقال الحكيم : كل مزاج فإنه مستعدّ لقوة خاصة ، وكل قوة فإنها لا تصلح إلا لفعل معين فالتقدير عبارة عن التصرف في الأجزاء الجسمية ، وتركيبها على وجه خاص لأجله يستعدّ لقبول تلك القوى ، والهداية عبارة عن خلق تلك القوى في تلك الأعضاء بحيث تكون كل قوّة مصدراً لفعل معين ، ويحصل من مجموعها إتمام المصلحة . وقد خصه بعض المفسرين فقال مقاتل : هدى الذكر للأنثى كيف يأتيها . وقال غيره : هداه لمعيشته ومرعاه . وقيل : هداه لسبيل الخير والشر . وقال السدّي : قدر مدة مكث الجنين في الرحم ثم هداه للخروج . وقال الفراء : قدّر فهدى وأضل فاكتفى بذكر أحدهما كقوله { سرابيل تقيكم الحر } [ النحل :81 ] وقيل : الهداية بمعنى الدعاء إلى الإيمان أي قدّر دعاء الكل إلى الإيمان فدعاهم إليه كقوله { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } [ الشورى :52 ] وقيل : دلهم بأفعاله على توحيده وكبريائه " ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد " ومن جملة ذلك .

/خ19