فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ} (3)

وقوله { والذي قدر فهدى } صفة أخرى للرب أو معطوف على الموصول الذي قبله ، قرئ قدر مخففا ومثقلا ، قال الواحدي قال المفسرون : قدر خلق الذكر والأنثى من الدواب فهدى الذكر للأنثى كيف يأتيها .

وقال مجاهد : هدى الإنسان لسبيل الخير والسعادة والشقاوة ، وروي عنه أيضا أنه قال : قدر السعادة والشقاوة وهدى للرشد والضلالة ، وهدى الأنعام لمراعيها وقيل قدر أرزاقهم وأقواتهم وهداهم لمعايشهم إن كانوا إنسا ، ولمراعيهم إن كانوا وحشا .

وقال عطاء : جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها له وقيل خلق المنافع في الأشياء وهدى الإنسان لوجه استخراجها منها ، وقال السدي : قدر مدة الجنين في الرحم تسعة أشهر ، وأقل وأكثر ثم هداه للخروج من الرحم .

قال الفراء أي قدر فهدى وأضل ، فاكتفى بأحدهما .

وفي تفسير الآية أقوال غير ما ذكرنا والأولى عدم تعيين فرد أو أفراد مما يصدق عليه قدر وهدى إلا بدليل يدل عليه ، ومع عدم الدليل يحمل على ما يصدق عليه معنى الفعلين إما على البدل أو على الشمول ، والمعنى قدر أجناس الأشياء وأنواعها وصفاتها وأفعالها وأقوالها وآجالها ، فهدى كل واحد منها إلى ما يصدر عنه وينبغي له ويسره لما خلق له ، وألهمه إلى أمور دينه ودنياه .