معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

قوله تعالى : { ربنا اغفر لي ولوالدي } ، فإن قيل : كيف استغفر لوالديه وهما غير مؤمنين ؟ قيل قد قيل إن أمه أسلمت . وقيل : أراد : إن أسلما وتابا . وقيل : قال ذلك قبل أنه يتبين له أمر أبيه ، وقد بين الله تعالى عذر خليله صلى الله عليه وسلم في استغفاره لأبيه في سورة التوبة . { وللمؤمنين } ، أي : اغفر للمؤمنين كلهم ، { يوم يقوم الحساب } ، أي : يبدو ويظهر . وقيل : أراد يوم يقول الناس للحساب ، فاكتفي بذكر الحساب لكونه مفهوما .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

{ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحساب }فاستجاب الله له في ذلك كله إلا أن دعاءه لأبيه إنما كان عن موعدة وعده إياه ، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

28

ويختم إبراهيم دعاءه الضارع الخاشع بطلب المغفرة له ولوالديه وللمؤمنين جميعا ، يوم يقوم الحساب ، فلا ينفع إنسانا إلا عمله ؛ ثم مغفرة الله في تقصيره :

( ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ) . .

وينتهي المشهد الطويل : مشهد الدعاء الخاشع الضارع . ومشهد تعداد النعم والشكر عليها . . في إيقاع موسيقي متموج رخي . . ينتهي بعد أن يخلع على الموقف كله ظلا وديعا لطيفا ، تهفو القلوب معه إلى جوار الله ، وتذكر القلوب فيه نعم الله . ويرتسم إبراهيم أبو الأنبياء نموذجا للعبد الصالح الذاكر الشاكر ، كما ينبغي أن يكون عباد الله ، الذين وجه الحديث إليهم قبيل هذا الدعاء . .

ولا يفوتنا أن نلمح تكرار إبراهيم - عليه السلام - في كل فقرة من فقرات دعائه الخاشع المنيب لكلمة : ( ربنا )أو " رب " . فإن لهجان لسانه بذكر ربوبية الله له ولبنيه من بعده ذات مغزى . . إنه لا يذكر الله - سبحانه - بصفة الألوهية ، إنما يذكره بصفة الربوبية . فالألوهية قلما كانت موضع جدال في معظم الجاهليات - وبخاصة في الجاهلية العربية - إنما الذي كان دائما موضع جدل هو قضية الربوبية . قضية الدينونة في واقع الحياة الأرضية . وهي القضية العملية الواقعية المؤثرة في حياة الإنسان . والتي هي مفرق الطريق بين الإسلام والجاهلية وبين التوحيد والشرك في عالم الواقع . . فإما أن يدين الناس لله فيكون ربهم وإما أن يدينوا لغير الله فيكون غيره ربهم . . وهذا هو مفرق الطريق بين التوحيد والشرك وبين الإسلام والجاهلية في واقع الحياة . والقرآن وهو يعرض على مشركي العرب دعاء أبيهم إبراهيم والتركيز فيه على قضية الربوبية كان يلفتهم إلى ما هم فيه من مخالفة واضحة لمدلول هذا الدعاء !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

دعا بالمغفرة لنفسه وللمؤمنين ولوالديه ما تقدم منه ومن المؤمنين قبل نبوءته وما استمر عليه أبُوه بعد دعوته من الشرك ، أما أمه فلعلها توفيت قبل نبوءته . وهذا الدعاء لأبويه قبل أن يتبين له أن أباه عدوّ لله كما في آية سورة براءة .

ومعنى { يقوم الحساب } : يثبت . استعير القيام للثبوت تبعاً لتشبيه الحساب بإنسان قائم ، لأن حالة القيام أقوى أحوال الإنسان إذ هو انتصاب للعمل . ومنه قولهم : قامت الحرب على ساق ، إذا قويت واشتدت . وقولهم : ترجلت الشمس ، إذا قوي ضوءها ، وتقدم عند قوله تعالى : { ويقيمون الصلاة } في أول سورة البقرة ( 4 ) .