مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

المطلوب السابع : قوله : { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : لقائل أن يقول : طلب المغفرة إنما يكون بعد سابقة الذنب فهذا يدل على أنه كان قد صدر الذنب عنه وإن كان قاطعا بأن الله يغفر له فكيف طلب تحصيل ما كان قاطعا بحصوله ؟

والجواب : المقصود منه الالتجاء إلى الله تعالى وقطع الطمع إلا من فضله وكرمه ورحمته .

المسألة الثانية : إن قال قائل كيف جاز أن يستغفر لأبويه وكانا كافرين ؟

فالجواب عنه من وجوه : الأول : أن المنع منه لا يعلم إلا بالتوقيف فلعله لم يجد منه منعا فظن كونه حائزا . الثاني : أراد بوالديه آدم وحواء . الثالث : كان ذلك بشرط الإسلام .

ولقائل أن يقول : لو كان الأمر كذلك لما كان ذلك الاستغفار باطلا ولو لم يكن لبطل قوله تعالى : { إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك } وقال بعضهم : كانت أمه مؤمنة ، ولهذا السبب خص أباه بالذكر في قوله تعالى : { فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه } والله أعلم وفي قوله : { يوم يقوم الحساب } قولان : الأول : يقوم أي يثبت وهو مستعار من قيام القائم على الرجل ، والدليل عليه قولهم : قامت الحرب على ساقها ، ونظيره قوله ترجلت الشمس ، أي أشرقت وثبت ضوءها كأنها قامت على رجل . الثاني : أن يسند إلى الحساب قيام أهله على سبيل المجاز مثل قوله : { واسأل القرية } أي أهلها ، والله أعلم .