فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

{ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ( 41 ) }

ثم طلب من الله سبحانه أن يغفر له ما وقع منه مما يستحق أن يغفره الله وإن لم يكن كبيرا لما هو معلوم من عصمة الأنبياء عن الكبائر . فقال التجاء إلى الله وقطعا للطمع من كل شيء إلا من فضله وكرمه ، واعترافا بالعبودية لله والاتكال على رحمته .

{ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } قيل إنه دعا لهما بالمغفرة قبل أن يعلم أنهما عدوان لله سبحانه وقيل بشرط الإسلام ، وقيل كانت أمه مسلمة والأول أولى ، وقيل أراد بوالديه آدم وحواء وفيه بعد ؛ وقرئ شاذا ولولدي – يعني إسماعيل و إسحاق – وأنكرها الجحدري بأن في مصحف ولأبوي ، فهي مفسرة لقراءة العامة .

{ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ظاهره شمول كل مؤمن سواء كان من ذريته أو لم يكن منهم .

وقيل أراد المؤمنين من ذريته فقط والأول أولى . والله تعالى لا يرد دعاء خليله ، ففيه بشارة عظيمة لجميع المؤمنين والمؤمنات بالمغفرة اللهم اغفر لي مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا ، وإني من ذرية خليلك إبراهيم فاغفر لي ولمن أخلفه من المؤمنين .

{ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ } أي يوم يثبت حساب المكلفين في المحشر ، استعير له لفظ يقوم الذي هو حقيقة في قيام الرجل للدلالة على أنه في غاية الاستقامة . وقيل إن المعنى يوم يقوم الناس للحساب ، وقيل يبدو ويظهر فيه الحساب والأول أولى .