قوله : { رَبَّنَا اغفر لِي وَلِوَالِدَيَّ } العامة على " والديَّ " بالألف بعد الواو وتشديد الياء ، وإبن جبير{[19349]} كذلك إلا أنه سكن الياء أراد والده وحده ، كقوله { واغفر لأبي } [ الشعراء : 86 ] .
وقرأ الحسين بن علي ، ومحمد بن زيد{[19350]} ابنا علي بن الحسين وابن يعمر -رضي الله عنهم : " ولِولدَيَّ " ودمن ألف ، تثنية " وَلد " ، ويعنى بهما : إسماعيل ، وإسحاق وأنكرها الجحدري بأن في مصحف أبي " ولأبويَّ " {[19351]} فهي مفسرة لقراءة العامة .
وروي عن ابن يعمر أنه قرأ : " وَلِوُلدِي " {[19352]} بضم الواو ، وسكون الياء ، وفيها تأويلان :
أحدهما : أنه جمع ولد كأسْد في أسَد .
وأن يكون لغة في الولد ، الحُزْنِ والحَزَن ، والعُدْمِ والعَدَم ، والبُخْلِ والبَخَل ، وعليه قول الشاعر : [ الطويل ]
فَليْتَ زِيَاداً كَان فِي بَطْنِ أمِّهِ *** وليْتَ زِيَاداً كَانَ وُلْدَ حِمَارِ{[19353]}
وقد قرئ بذلك في مريم ، والزخرف ، ونوح في السبعة ، كما سيأتي إن شاء الله -تعالى- .
و " يَوْمَ " [ نصب ]{[19354]} ب " اغْفِرْ " .
فِإن قيل : طلب المغفرة إنَّما يكون بعد الذنب ، وهو -صلوات الله وسلامه عليه- كان قاطعاً بأن الله يغفر له ، فكيف طلب ما كان قاطعاً بحصوله ؟ .
فالجواب : المقصود منه الالتجاء إلى الله ، وقطع الطَّمع إلاَّ من فضل الله تعالى وكرمه .
فإن قيل : كيف جاز أن يستغفر لأبويه ، كانا كافرين ؟ .
الأول : أن المنع لا يعلم إلا بالتوقيف ، فلعله لم يجد [ منعاً ]{[19355]} ، فظن جوازه .
الثاني : أراد بالوالدين آدم وحواء -صلوات الله وسلامه عليهما- .
الثالث : كان ذلك بشرط الإسلام .
فإن قيل : لو كان الأمر كذلك لما كان ذلك الاستغفار باطلاً ، ولو لم يكن باطلاً لبطل قوله : { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } [ الممتحنة : 4 ] .
فالجواب : أن الله -تعالى- بين عذر خليله في استغفاره لأبيه في سورة التوبة .
وقال بعضهم : كانت أمه مؤمنة ، ولهذا خص أباه بالذكر في قوله : { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ } [ التوبة : 114 ] .
في قوله : { يَوْمَ يَقُومُ الحساب } قولان :
الأول : يقوم إلى بيت المقدس ، وهو مشتقّ من قيام القائم على الرجل ، كقولهم : قَامِتِ الحرُ على ساقها ، ونظيره : قوله : قامت الشمس أي : اشتعلت ، وثبت ضوءها كأنَّها قامت على رجل .
الثاني : أن يسند إلى الحساب قيام أهله على سبيل المجاز ، كقوله : { واسأل القرية } [ يوسف : 82 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.