تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

الآية 41 : وقوله تعالى : { ربنا اغفر لي ولوالدي } طلب من ربه المغفرة لوالديه . قال الحسن : إن أمه ، كانت مسلمة ، وأما أبوه ، فكان كافرا لأنه قال : { واغفر لأبي إنه كان من الضالين } ( الشعراء : 86 ) خص والده بالضلال . دل أن أمه ، كانت مسلمة ، لكنا [ لا ]{[9695]} نعلم ، ما حال الأم ؟ أنها{[9696]} كانت مسلمة أو كافرة : وٍإما أبوه فهو ، لا شك أنه ، كان كافرا .

ثم [ لا ]{[9697]} يحتمل دعاؤه لوالديه ، وهما كافران ، وإن كانت أمه كافرة ، إلا على إضمار الإسلام ، أي اغفر لهما ، إن أسلما ، أو أن يكون سؤال المغفرة لهما سؤال الإسلام نفسه ، أو أن يكون ، طلب منه الستر عليهما في الدنيا ولا يفضحهما ، ولا يخزيهما . لكنه سأل المغفرة : { يوم يقوم الحساب } .

ولا يحتمل طلب الستر أن يفصل بين قوله : { ربنا اغفر لي ولوالدي } وبين قوله : { وللمؤمنين } ويبتدئ{[9698]} للمؤمنين { يوم يقوم الحساب } . وقد ذكرنا هذا في ما تقدم .

ودعاء{[9699]} إبراهيم وسؤاله المغفرة لوالديه ، يكون سبب سؤال السبب الذي يستحقان به المغفرة من ربهما ، ويكونان أهلا لها ، وهو التوحيد ومعرفة {[9700]} المولى ، وهو ما ذكرنا في أمر نوح وقومه الاستغفار له{[9701]} ، وكذلك قول هود حين{[9702]} قال : { ويا قوم استغفروا ربكم } الآية ( هود : 52 ) .

وقوله تعالى : { يوم يقوم الحساب } يحتمل قوله تعالى : { يوم يقوم الحساب } بالعدل ؛ يقول الرجل لآخر : أقم حسابي ، أي اعدل فيه . وإقامة الحساب العدل فيه على ما توجب الحكمة ، لا يزداد ، ولا ينقص كقوله : { ونضع الموازين القسط } ( الأنبياء : 47 ) .

وقال بعضهم : { يوم يقوم الحساب } يوم يحاسبون ، وقيام {[9703]} الحساب ، هو المحاسبة ، نفسه ، والله أعلم .

ويحتمل قوله : { إنك تعلم ما نخفي وما نعلن } كانت له حاجات ، أخفاها ، وطلب {[9704]} قضاءها ، فقال : تعلم حاجاتي [ إن ]{[9705]} أخفيتها ، أو إن أعلنتها ، فاقضها لي .

أو أن يكون قومه ، طعنوه{[9706]} في شيء ، فقال ذلك على التبري من ذلك : إنه يعلم ما نخفي وما نعلن ، ولم يعلم ذلك الذين يطعنون في ، والله أعلم ، كقول عيسى عليه السلام{ تعلم ما في نفسي } ( المائدة : 116 ) .

أو أن يكون قال ذلك لأن أهل الأديان جميعا كانوا يوالون إبراهيم ، ويدعون أنه على دينهم ، وكذلك قال عز وجل : { ما كان إبراهيم يهوديا ولا } الآية ( عمران : 67 ) براه الله تعالى مما ادعى كل فريق .

ثم منهم من كان من هذه الفرق يدعون الإسرار عن الله والإخفاء عنه ، فقال هذا ليعلم الناس توحيده أنه لا يخفى عليه شيء ؛ أُخفي ، أو أعلن ، ليعرفوا توحيده أنه ليس شيء يخفى عليه ، والله أعلم .


[9695]:من م، ساقطة من الأصل.
[9696]:في الأصل: أمم، في م: أن.
[9697]:ساقطة من الأصل وم.
[9698]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[9699]:في الأصل وم: ودعى.
[9700]:من م في الأصل: ومغفرة
[9701]:وذلك في قوله تعالى: {وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} (هود:47).
[9702]:في الأصل وم: حيث.
[9703]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[9704]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[9705]:ساقطة من الأصل وم.
[9706]:في الأصل وم: طعنوا.