السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

المطلوب السابع قوله : { ربنا } ، أي : أيها المالك لأمورنا المدبر لنا { اغفر لي } فإن قيل : إنّ طلب المغفرة إنما يكون بعد سابقة ذنب أجيب : بأن المقصود من ذلك الالتجاء إلى الله تعالى ، وقطع الطمع إلا من فضله وكرمه ورحمته ، ثم أشرك معه أقرب الناس إليه وأحقهم بشكره فقال : { ولوالديّ } فإن قيل : كيف جاز أن يستغفر لوالديه وكانا كافرين ؟ أجيب بوجوه : الأول : أنّ المنع منه لا يعلم إلا بتوقيف ، فلعله لم يجد منه منعاً و ظنّ كونه جائزاً ، الثاني : أراد بوالديه آدم وحواء ، الثالث : كان ذلك بشرط الإسلام ، وقال بعضهم : كانت أمّه مؤمنة ولذلك خص أباه بالذكر في قوله : { فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه } [ التوبة ، 114 ] . ثم دعا لمن تبعه في الدين من ذريته وغيرهم بقوله { وللمؤمنين } ، أي : العريقين في هذا الوصف { يوم يقوم } ، أي : يبدو ويظهر { الحساب } وقيل : أراد يوم يقوم الناس فيه للحساب ، فاكتفى بذكر الحساب لكونه مفهوماً عند السامع ، وهذا دعاء للمؤمنين بالمغفرة ، والله تعالى لا يردّ دعاء خليله إبراهيم عليه السلام ، وفيه بشارة عظيمة للمؤمنين بالمغفرة ، فنسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولأحبابنا ولمن نظر في هذا التفسير ، ودعا لمن كان سبباً فيه بالمغفرة .