المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ} (41)

وقرأت فرقة «ولوالديّ » واختلف في تأويل ذلك ، وقالت فرقة : كان هذا من إبراهيم قبل يأسه من إيمان أبيه وتبينه أنه عدو لله ، فأراد أباه وأمه ، لأنها كانت مؤمنة ، وقيل : أراد آدم ونوحاً عليهما السلام . وقرأ سعيد بن جبير «ولوالدي » بإفراد الأب وحده ، وهذا يدخله ما تقدم من التأويلات ، وقرأ الزهري وإبراهيم النخعي «ولولديّ » على أنه دعاء لإسماعيل وإسحاق ، وأنكرها عاصم الجحدري ، وقال إن في مصحف أبيّ بن كعب «ولأبوي » ، وقرأ يحيى بن يعمر «ولوُلْدي » بضم الواو وسكون اللام ، والولد لغة في الولد ، ومنه قول الشاعر - أنشده أبو علي وغيره : [ الطويل ]

فليت زياداً كان في بطن أمِّه . . . وليت زياداً كان وُلْدَ حمار{[1]}

ويحتمل أن يكون الولد جمع ولد كأسد في جمع أسد .

وقوله : { يوم يقوم الحساب } معناه يوم يقوم الناس للحساب ، فأسند القيام للحساب إيجازاً ، إذ المعنى مفهوم .

قال القاضي أبو محمد : ويتوجه أن يريد قيام الحساب نفسه ، ويكون القيام بمعنى ظهوره وتلبس العباد بين يدي الله به ، كما تقول : قامت السوق وقامت الصلاة ، وقامت الحرب على ساق{[2]} .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.