معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (54)

قوله تعالى : { قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا } يعني : تولوا عن طاعة الله ورسوله ، { فإنما عليه ما حمل } يعني : على الرسول ما كلف وأمر به من تبليغ الرسالة ، { وعليكم ما حملتم } من الإجابة والطاعة ، { وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين } أي : التبليغ البين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (54)

وأما الرسول عليه الصلاة والسلام ، فوظيفته أن يأمركم وينهاكم ، ولهذا قال : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ ْ } امتثلوا ، كان حظكم وسعادتكم{[569]}  وإن { تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ْ } من الرسالة ، وقد أداها .

{ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ْ } من الطاعة ، وقد بانت حالكم وظهرت ، فبان ضلالكم وغيكم واستحقاقكم العذاب . { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ْ } إلى الصراط المستقيم ، قولا وعملا ، فلا سبيل لكم إلى الهداية إلا بطاعته ، وبدون ذلك ، لا يمكن ، بل هو محال .

{ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ْ } أي : تبليغكم البين الذي لا يبقي لأحد شكا ولا شبهة ، وقد فعل صلى الله عليه وسلم ، بلغ البلاغ المبين ، وإنما الذي يحاسبكم ويجازيكم هو الله تعالى ، فالرسول ليس له من الأمر شيء ، وقد قام بوظيفته .


[569]:- في ب: كان حظهم وسعادتهم.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (54)

46

لهذا يعود فيأمرهم بالطاعة . الطاعة الحقيقية . لا طاعتهم تلك المعروفة المفهومة !

( قل : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) . .

( فإن تولوا )وتعرضوا ، أو تنافقوا ولا تنفذوا ( فإنما عليه ما حمل )من تبليغ الرسالة وقد قام به وأداه ( وعليكم ما حملتم )وهو أن تطيعوا وتخلصوا . وقد نكصتم عنه ولم تؤدوه : ( وإن تطيعوه تهتدوا )إلى المنهج القويم المؤدي إلى الفوز والفلاح . ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين )فليس مسؤولا عن إيمانكم ، وليس مقصرا إذا أنتم توليتم . إنما أنتم المسؤولون المعاقبون بما توليتم وبما عصيتم وبما خالفتم عن أمر الله وأمر الرسول .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (54)

ثم قال تعالى : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } أي : اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله .

وقوله : { فَإِنْ تَوَلَّوْا } أي : تتولوا عنه وتتركوا ما جاءكم به ، { فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ } أي : إبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ، { وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ } أي : من ذلك وتعظيمه والقيام بمقتضاه ، { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } ، وذلك لأنه يدعو إلى صراط مستقيم { صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ } [ الشورى : 53 ] .

وقوله : { وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ } كقوله : { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } [ الرعد : 40 ] ، وقوله { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } [ الغاشية : 21 ، 22 ] .

وقال وهب بن مُنَبِّه : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل - يقال له : شعياء - أن قم في بني إسرائيل فإني سأطلق لسانك بوحي . فقام فقال : يا سماء اسمعي ، ويا أرض انصتي ، فإن الله يريد أن يقضي شأنًا ويدبر أمرًا هو منفذه ، إنه يريد أن يحول الريف إلى الفلاة ، والآجام{[21306]} في الغيطان ، والأنهار في الصحاري ، والنعمة في الفقراء ، والملك في الرعاة ، ويريد أن يبعث أميا من الأميين ، ليس بفظ ولا غليظ ولا سَخّاب في الأسواق ، لو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته ، ولو يمشي على القصب اليابس لم يسمع من تحت قدميه . أبعثه مُبَشِّرا ونذيرًا ، لا يقول الخنَا ، أفتح به أعينا عُمْيًا ، وآذانًا صُمًّا ، وقلوبا غُلْفًا ، وأسَدِّده لكل أمر جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، وأجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة منطقه ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والحق شريعته ، والعدل سيرته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه ، أهْدِي به بعد الضلالة ، وأعلِّم به من الجهالة ، وأرْفَعُ به بعد الخمَالة ، وأعرف به بعد النُّكْرَة ، وأكثر به بعد القلة وأغني به بعد العَيلَة ، وأجمع به بعد الفرقة ، وأؤلف به بين أمم متفرقة ، وقلوب مختلفة ، وأهواء متشتتة ، وأستنقذ به فئامًا من الناس عظيما من الهَلَكة ، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، موحدين مؤمنين مخلصين ، مصدقين بما جاءت به رُسُلي . رواه ابن أبي حاتم{[21307]} .


[21306]:- في أ : "الأجسام".
[21307]:- وروي عن عبد الله بن سلام وكعب الأحبار كما في الشفا للقاضي عياض (1/15).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (54)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرّسُولَ فَإِن تَوَلّوْاْ فَإِنّمَا عَلَيْهِ مَا حُمّلَ وَعَلَيْكُمْ مّا حُمّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى الرّسُولِ إِلاّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } .

يقول تعالى ذكره : قُلْ يا محمد لهؤلاء المقسمين بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليُخرجُنّ وغيرهم من أمتك : أطِيعُوا اللّهَ أيها القوم فيما أمركم به ونهاكم عنه . وأطِيعُوا الرّسُولَ فإن طاعته لله طاعة . فإن تَوَلّوْا يقول : فإن تُعْرِضوا وتُدْبِروا عما أمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نهاكم عنه ، وتأبَوا أن تُذْعنوا لحكمه لكم وعليكم . فإنّمَا عَلَيْهِ ما حُمّلَ يقول : فإنما عليه فعل ما أُمِر بفعله من تبليغ رسالة الله إليكم ، على ما كلّفه من التبليغ . وَعَلَيْكُمْ ما حُمّلْتُمْ يقول : وعليكم أيها الناس أن تفعلوا ما أَلزمكم وأوجب عليكم من اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء إلى طاعته فيما أمركم ونهاكم .

وقلنا : إن قوله : فإنْ تَوَلّوْا بمعنى : فإن تتولوا ، فإنه في موضع جزم لأنه خطاب للذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم : أطِيعُوا اللّهَ وأطِيعُوا الرّسُولَ يدلّ على أن ذلك كذلك قوله : وَعَلَيْكُمْ ما حُمّلْتمْ ، ولو كان قوله : تَوَلّوْا فعلاً ماضيا على وجه الخبر عن غيب ، لكان في موضع قوله : وَعَلَيْكُمْ ما حُمّلْتُمْ وَعَلَيْهِمْ ما حُمّلُوا .

وقوله : وَإنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا يقول تعالى ذكره : وإن تطيعوا أيها الناس رسول الله فيما يأمركم وينهاكم ، تَرْشُدوا وتصيبوا الحقّ في أموركم . وَما عَلى الرّسُولِ إلاّ البَلاغُ المُبِينُ يقول : وغير واجب على من أرسله الله إلى قوم برسالة إلا أن يبلّغهم رسالته بلاغا يبين لهم ذلك البلاغ عما أراد الله به ، يقول : فليس على محمد أيها الناس إلا أداء رسالة الله إليكم وعليكم الطاعة وإن أطعتموه لحظوظ أنفسكم تصيبون ، وإن عصيتموه بأنفْسكم فتوبقون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (54)

{ قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } أمر بتبليغ ما خاطبهم الله به على الحكاية مبالغة في تبكيتهم . { فإن تولوا فإنما عليه } أي على محمد صلى الله عليه وسلم . { ما حمل } من التبليغ . { وعليكم ما حملتم } من الامتثال . { وإن تطيعوه } في حكمه . { تهتدوا } إلى الحق . { وما على الرسول إلا البلاغ المبين } التبليغ الموضح لما كلفتم به ، وقد أدى وإنما بقي { ما حملتم } فإن أديتم فلكم وإن توليتم فعليكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (54)

وقوله { قل أطيعوا الله } الآية مخاطبة لأولئك المنافقين وغيرهم من الكفار وكل من يتعتى عن أمر محمد عليه السلام ، وقوله { تولوا } معناه تتولوا محذوف التاء الواحدة يدل على ذلك ، قوله : { وعليكم ما حملتم } ولو جعلنا { تولوا } فعلاً ماضياً وقدرنا في الكلام خروجاً من خطاب الحاضر إلى ذكر الغائب لاقتضى الكلام أن يكون بعد ذلك وعليهم ما حملوا ، والذي حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التبليغ ومكافحة الناس بالرسالة وإعمال الجهد في إنذارهم ، والذي حمل الناس هو السمع والطاعة واتباع الحق وباقي الآية بين ، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ونافع في رواية ورش «ويتقهي » بياء بعد الهاء قال أبو علي وهو الوجه .

وقرأ قالون عن نافع «ويتقهِ » بكسر الهاء لا يبلغ بها الياء ، وقرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر «ويتقهْ » جزماً للهاء ، وقرأ حفص عن عاصم { ويتقه } بسكون وكسر الهاء{[8751]} .


[8751]:وهذا على نية الجزم، أما الباقون فقد كسروها لأن جزم الفعل بحذف آخره.