السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (54)

ولما نبه الله تعالى على خداعهم ، وأشار إلى عدم الاغترار بإيمانهم أمر بترغيبهم وترهيبهم مشيراً إلى الإعراض عن عقوبتهم بقوله تعالى : { قل } أي : لهم { أطيعوا الله } أي : الذي له الكمال المطلق { وأطيعوا الرسول } أي : الذي له الرسالة المطلقة ظاهراً وباطناً ، وقوله تعالى : { فإن تولوا } أي : عن طاعته بحذف إحدى التاءين خطاب لهم أي : فإن تتولوا فما ضررتموه ، وإنما ضررتم أنفسكم { فإنما عليه } أي : محمد صلى الله عليه وسلم { ما حمل } أي : ما حمله الله تعالى من أداء الرسالة ، وإذا أدّى فقد خرج من عهدة التكليف { وعليكم } أي : وأما أنتم فعليكم { ما حملتم } أي : ما كلفتم من التلقي بالقبول والإذعان ، فإن لم تفعلوا وتوليتم فقد عرضتم أنفسكم لسخط الله وعذابه ، وإن أطعتموه فقد أحرزتم نصيبكم من الخروج عن الضلالة إلى الهدى ، فالنفع والضر عائد إليكم { وإن تطيعوه } بالإقبال على كل ما يأمركم به { تهتدوا } أي : إلى كل خير { وما على الرسول } أي : من جهة غيره { إلا البلاغ } أي : وما الرسول إلا ناصح وهاد ، وما عليه إلا أن يبلغ ما له نفع في قبولكم ، ولا عليه ضرر في توليتكم ، والبلاغ بمعنى التبليغ كالأداء بمعنى التأدية ، ومعنى { المبين } كونه مقروناً بالآيات والمعجزات . روي أنه صلى الله عليه وسلم قال على المنبر : «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والتحدث بنعمة الله شكر ، وتركه كفر ، والجماعة رحمة والفرقة عذاب » ، وقال أبو أمامة الباهلي : عليكم بالسواد الأعظم ، فقال رجل : ما السواد الأعظم ؟ فنادى أبو أمامة هذه الآية في سورة النور ، فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم .