قوله تعالى : { ولقد وصلنا لهم القول } قال ابن عباس رضي الله عنهما : بينا . قال الفراء : أنزلنا آيات القرآن يتبع بعضها بعضاً . قال قتادة : وصل لهم القول في هذا القرآن ، يعني كيف صنع بمن مضى . قال مقاتل : بينا لكفار مكة بما في القرآن من أخبار الأمم الخالية كيف عذبوا بتكذيبهم . وقال ابن زيد : وصلنا لهم خبر الدنيا بخبر الآخرة حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا . { لعلهم يتذكرون* }
{ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ } أي : تابعناه وواصلناه ، وأنزلناه شيئا فشيئا ، رحمة بهم ولطفا { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } حين تتكرر عليهم آياته ، وتنزل عليهم بيناته وقت الحاجة إليها . فصار نزوله متفرقا رحمة بهم ، فلم اعترضوا على ما هو من مصالحهم ؟
فصل في ذكر بعض الفوائد والعبر في هذه القصة العجيبة
فمنها أن آيات اللّه تعالى وعبره ، وأيامه في الأمم السابقة ، إنما يستفيد بها ويستنير المؤمنون ، فعلى حسب إيمان العبد تكون عبرته ، وإن اللّه تعالى إنما يسوق القصص ، لأجلهم ، وأما غيرهم ، فلا يعبأ اللّه بهم ، وليس لهم منها نور وهدى .
ومنها : أن اللّه تعالى إذا أراد أمرا هيأ أسبابه ، وأتى بها شيئا فشيئا بالتدريج ، لا دفعة واحدة .
ومنها : أن الأمة المستضعفة ، ولو بلغت في الضعف ما بلغت ، لا ينبغي لها أن يستولى عليها الكسل عن طلب حقها ، ولا الإياس من ارتقائها إلى أعلى الأمور ، خصوصا إذا كانوا مظلومين ، كما استنقذ اللّه أمة بني إسرائيل ، الأمة الضعيفة ، من أسر فرعون وملئه ، ومكنهم في الأرض ، وملكهم بلادهم .
ومنها : أن الأمة ما دامت ذليلة مقهورة لا تأخذ حقها ولا تتكلم به ، لا يقوم لها أمر دينها [ ولا دنياها ]{[2]} ولا يكون لها إمامة فيه .
ومنها : لطف اللّه بأم موسى ، وتهوينه عليها المصيبة بالبشارة ، بأن اللّه سيرد إليها ابنها ، ويجعله من المرسلين .
ومنها : أن اللّه يقدر على عبده بعض المشاق ، لينيله سرورا أعظم من ذلك ، أو يدفع عنه شرا أكثر منه ، كما قدر على أم موسى ذلك الحزن الشديد ، والهم البليغ ، الذي هو وسيلة إلى أن يصل إليها ابنها ، على وجه تطمئن به نفسها ، وتقر به عينها ، وتزداد به غبطة وسرورا .
ومنها : أن الخوف الطبيعي من الخلق ، لا ينافي الإيمان ولا يزيله ، كما جرى لأم موسى ولموسى من تلك المخاوف .
ومنها : أن الإيمان يزيد وينقص . وأن من أعظم ما يزيد به الإيمان ، ويتم به اليقين ، الصبر عند المزعجات ، والتثبيت من اللّه ، عند المقلقات ، كما قال تعالى . { لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } أي : ليزداد إيمانها بذلك ويطمئن قلبها .
ومنها : أن من أعظم نعم اللّه على عبده ، و [ أعظم ] معونة للعبد على أموره ، تثبيت اللّه إياه ، وربط جأشه وقلبه عند المخاوف ، وعند الأمور المذهلة ، فإنه بذلك يتمكن من القول الصواب ، والفعل الصواب ، بخلاف من استمر قلقه وروعه ، وانزعاجه ، فإنه يضيع فكره ، ويذهل عقله ، فلا ينتفع بنفسه في تلك الحال .
ومنها : أن العبد -ولو عرف أن القضاء والقدر ووعد اللّه نافذ لا بد منه- فإنه لا يهمل فعل الأسباب التي أمر بها ، ولا يكون ذلك منافيا لإيمانه بخبر اللّه ، فإن اللّه قد وعد أم موسى أن يرده عليها ، ومع ذلك ، اجتهدت على رده ، وأرسلت أخته لتقصه وتطلبه .
ومنها : جواز خروج المرأة في حوائجها ، وتكليمها للرجال ، من غير محذور ، كما جرى لأخت موسى وابنتي صاحب مدين .
ومنها : جواز أخذ الأجرة على الكفالة والرضاع ، والدلالة على من يفعل ذلك .
ومنها : أن اللّه من رحمته بعبده الضعيف الذي يريد إكرامه ، أن يريه من آياته ، ويشهده من بيناته ، ما يزيد به إيمانه ، كما رد الله موسى على أمه ، لتعلم أن وعد اللّه حق .
ومنها : أن قتل الكافر الذي له عهد بعقد أو عرف ، لا يجوز ، فإن موسى عليه السلام عدَّ قتله القبطي الكافر ذنبا ، واستغفر اللّه منه .
ومنها : أن الذي يقتل النفوس بغير حق يعد من الجبارين الذين يفسدون في الأرض .
ومنها : أن من قتل النفوس بغير حق ، وزعم أنه يريد الإصلاح في الأرض ، وتهييب أهل المعاصي ، فإنه كاذب في ذلك ، وهو مفسد كما حكى اللّه قول القبطي { إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ } على وجه التقرير له ، لا الإنكار .
ومنها : أن إخبار الرجل غيره بما قيل فيه ، على وجه التحذير له من شر يقع فيه ، لا يكون ذلك نميمة -بل قد يكون واجبا- كما أخبر ذلك الرجل لموسى ، ناصحا له ومحذرا .
ومنها : أنه إذا خاف القتل والتلف في الإقامة ، فإنه لا يلقي بيده إلى التهلكة ، ولا يستسلم لذلك ، بل يذهب عنه ، كما فعل موسى .
ومنها : أنه عند تزاحم المفسدتين ، إذا كان لا بد من ارتكاب إحداهما أنه يرتكب الأخف منهما والأسلم ، كما أن موسى ، لما دار الأمر بين بقائه في مصر ولكنه يقتل ، أو يذهب{[3]} إلى بعض البلدان البعيدة ، التي لا يعرف الطريق إليها ، وليس معه دليل [ يد ] له غير ربه ، ولكن هذه الحالة أقرب للسلامة من الأولى ، فتبعها موسى .
ومنها : أن الناظر في العلم عند الحاجة إلى التكلم فيه ، إذا لم يترجح عنده أحد القولين ، فإنه يستهدي ربه ، ويسأله أن يهديه الصواب من القولين ، بعد أن يقصد بقلبه الحق ويبحث عنه ، فإن اللّه لا يخيب مَنْ هذه حاله . كما خرج موسى تلقاء مدين فقال : { عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ }
ومنها : أن الرحمة بالخلق ، والإحسان على من يعرف ومن لا يعرف ، من أخلاق : الأنبياء ، وأن من الإحسان سقي الماشية الماء ، وإعانة العاجز .
ومنها استحباب الدعاء بتبيين الحال وشرحها ، ولو كان اللّه عالما لها ، لأنه تعالى ، يحب تضرع عبده وإظهار ذله ومسكنته ، كما قال موسى : { رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }
ومنها أن الحياء -خصوصا من الكرام- من الأخلاق الممدوحة .
ومنها : المكافأة على الإحسان لم يزل دأب الأمم السابقين .
ومنها : أن العبد إذا فعل العمل للّه تعالى ، ثم حصل له مكافأة عليه من غير قصد بالقصد الأول ، أنه لا يلام على ذلك ، كما قبل موسى مجازاة صاحب مدين عن معروفه الذي لم يبتغ له ، ولم يستشرف بقلبه على عوض .
ومنها : مشروعية الإجارة ، وأنها تجوز على رعاية الغنم ونحوها ، مما لا يقدر العمل ، وإنما مرده ، العرف .
ومنها أنه تجوز الإجارة بالمنفعة ، ولو كانت المنفعة بضعا .
ومنها أن خطبة الرجل لابنته الرجل الذي يتخيره ، لا يلام عليه .
ومنها : أن خير أجير وعامل [ يعمل ] للإنسان ، أن يكون قويا أمينا .
ومنها : أن من مكارم الأخلاق ، أن يُحَسِّن خلقه لأجيره ، وخادمه ، ولا يشق عليه بالعمل ، لقوله : { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }
ومنها : جواز عقد الإجارة وغيرها من العقود من دون إشهاد لقوله : { وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }
ومنها : ما أجرى اللّه على يد موسى من الآيات البينات ، والمعجزات الظاهرة ، من الحية ، وانقلاب يده بيضاء من غير سوء ، ومن عصمة اللّه لموسى وهارون ، من فرعون ، ومن الغرق .
ومنها : أن من أعظم العقوبات أن يكون الإنسان إماما في الشر ، وذلك بحسب معارضته لآيات اللّه وبيناته ، كما أن من أعظم نعمة أنعم اللّه بها على عبده ، أن يجعله إماما في الخير هاديا مهديا .
ومنها : ما فيها من الدلالة على رسالة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، حيث أخبر بذلك تفصيلا مطابقا ، وتأصيلا موافقا ، قصه قصا ، صدق به المرسلين ، وأيد به الحق المبين ، من غير حضور شيء من تلك الوقائع ، ولا مشاهدة لموضع واحد من تلك المواضع ، ولا تلاوة درس فيها شيئا من هذه الأمور ، ولا مجالسة أحد من أهل العلم ، إن هو إلا رسالة الرحمن الرحيم ، ووحي أنزله عليه الكريم المنان ، لينذر به قوما جاهلين ، وعن النذر والرسل غافلين .
فصلوات اللّه وسلامه ، على من مجرد خبره ينبئ أنه رسول اللّه ، ومجرد أمره ونهيه ينبه العقول النيرة ، أنه من عند اللّه ، كيف وقد تطابق على صحة ما جاء به ، وصدقه خبر الأولين والآخرين ، والشرع الذي جاء به من رب العالمين ، وما جبل عليه من الأخلاق الفاضلة ، التي لا تناسب ، ولا تصلح إلا لأعلى الخلق درجة ، والنصر المبين لدينه وأمته ، حتى بلغ دينه مبلغ الليل والنهار ، وفتحت أمته معظم بلدان الأمصار ، بالسيف والسنان ، وقلوبهم بالعلم والإيمان .
ولم تزل الأمم المعاندة ، والملوك الكفرة المتعاضدة ، ترميه بقوس واحدة ، وتكيد له المكايد ، وتمكر لإطفائه وإخفائه ، وإخماده من الأرض ، وهو قد بهرها وعلاها ، لا يزداد إلا نموا ، ولا آياته وبراهينه إلا ظهورا ، وكل وقت من الأوقات ، يظهر من آياته ما هو عبرة لِلْعَالَمِينَ ، وهداية لِلْعَالمِينَ ، ونور وبصيرة للمتوسمين . والحمد للّه وحده .
إن هذا النص ليقطع الطريق على المعتذرين بأنهم لم يفهموا عن هذا القرآن ، ولم يحيطوا علما بهذا الدين . فما هو إلا أن يصل إليهم ، ويعرض عليهم ، حتى تقوم الحجة ، وينقطع الجدل ، وتسقط المعذرة . فهو بذاته واضح واضح ، لا يحيد عنه إلا ذو هوى يتبع هواه ، ولا يكذب به إلا متجن يظلم نفسه ، ويظلم الحق البين ولا يستحق هدى الله . ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .
ولقد انقطع عذرهم بوصول الحق إليهم ، وعرضه عليهم ، فلم يعد لهم من حجة ولا دليل . .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ وَصّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ * الّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } .
يقول تعالى ذكره : ولقد وصلنا يا محمد لقومك من قريش ولليهود من بني إسرائيل القول بأخبار الماضين والنبأ عما أحللنا بهم من بأسنا ، إذ كذّبوا رسلنا ، وعما نحن فاعلون بمن اقتفى آثارهم ، واحتذى في الكفر بالله ، وتكذيب رسله مثالهم ، ليتذكروا فيعتبروا ويتعظوا . وأصله من : وصل الحبال بعضها ببعض ومنه قول الشاعر :
فَقُلْ لِبَنِي مَرْوَانَ ما بالُ ذِمّةٍ *** وَحَبْلٍ ضَعِيفٍ ما يَزَالُ يُوَصّلُ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم ببيانهم عن تأويله ، فقال بعضهم : معناه بيّنا . وقال بعضهم معناه : فصلنا . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن ليث ، عن مجاهد ، قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال : فصلنا لهم القول .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال : وصل الله لهم القول في هذا القرآن ، يخبرهم كيف صنع بمن مضى ، وكيف هو صانع لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا محمد بن عيسى أبو جعفر ، عن سفيان بن عيينة : وصلنا : بيّنا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ الخبر ، خبر الدنيا بخبر الاَخرة ، حتى كأنهم عاينوا الاَخرة ، وشهدوها في الدنيا ، بما نريهم من الاَيات في الدنيا وأشباهها . وقرأ إنّ فِي ذلكَ لاَيَةً لِمَنْ خافَ عَذَابَ الاَخِرَةِ وقال : إنا سوف ننجزهم ما وعدناهم في الاَخرة ، كما أنجزنا للأنبياء ما وعدناهم ، نقضي بينهم وبين قومهم .
واختلف أهل التأويل ، فيمن عنى بالهاء والميم من قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ فقال بعضهم : عنى بهما قريشا . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال : قريش .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال : لقريش .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ولَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ قال : يعني محمدا صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون : عُنِي بهما اليهود . ذكر من قال ذلك :
حدثني بشر بن آدم ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة ، عن رفعة القرظي ، قال : نزلت هذه الاَية في عشرة أنا أحدهم وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ .
20953حدثنا ابن سنان ، قال : حدثنا حيان ، قال : حدثنا حماد ، عن عمرو ، عن يحيى بن جعدة ، عن عطية القُرَظِيّ قال : نزلت هذه الاَية وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ حتى بلغ إنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ في عشرة أنا أحدهم ، فكأن ابن عباس أراد بقوله : يعني محمدا : لعلهم يتذكرون عهد الله في محمد إليهم ، فيقرّون بنبوّته ويصدّقونه .
الذين وصل { لهم القول } هم قريش قاله مجاهد وغيره ، وقال أبو رفاعة القرظي : نزلت في اليهود في عشرة أنا أحدهم ذكره الطبري ، وقال الجمهور : معناه واصلنا لهم في القرآن وتابعناه موصولاً بعضه ببعض في المواعظ والزجر والدعاء إلى الإسلام ، قال الحسن وفي ذكر الأمم المهلكة وصلت لهم قصة بقصة حسب مرور الأيام ، وذهب مجاهد أن معنى { وصلنا } فصلنا أي جعلناه أوصالاً من حيث كان أنواعاً من القول في معان مختلفة ، ومعنى اتصال بعضه ببعض حاصل من جهة أخرى لكن إنما عدد عليهم هاهنا تقسيمه في أنواع من القول ، وذهب الجمهور إلى أن هذا التوصيل الذي وصل لهم القول معناه وصل المعاني من الوعظ والزجر وذكر الآخرة وغير ذلك ، وذهبت فرقة إلى أن الإشارة بتوصيل القول إنما هي إلى الألفاظ أي إلى الإعجاز ، فالمعنى { ولقد وصلنا لهم } قولاً معجزاً على نبوتك .
قال القاضي أبو محمد : والمعنى الأول تقديره { ولقد وصلنا لهم } قولاً تضمن معاني من تدبرها اهتدى ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «ولقد وصَلنا » بتخفيف الصاد ، وقوله { لعلهم يتذكرون } أي في طمع البشر ، وظاهر الأمر عندهم وبحسبهم .