معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا} (98)

قوله تعالى : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن } هل ترى ، وقيل هل تجد { منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً } أي : صوتاً ، والركز : الصوت الخفي . قال الحسن : بادوا جميعاً ، فلم يبق منهم عين ولا أثر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا} (98)

{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ } من قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وفرعون ، وغيرهم من المعاندين المكذبين ، لما استمروا في ظغيانهم ، أهلكهم الله فليس لهم من باقية .

{ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا } والركز : الصوت الخفي ، أي : لم يبق منهم عين ولا أثر ، بل بقيت أخبارهم عبرة للمعتبرين ، وأسمارهم عظة للمتعظين .

تم تفسير سورة مريم ، ولله الحمد والشكر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا} (98)

وتختم السورة بمشهد يتأمله القلب طويلا ، ويرتعش له الوجدان طويلا ؛ ولا ينتهي الخيال من استعراضه

( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ? ) .

وهو مشهد يبدؤك بالرجة المدمرة ، ثم يغمرك بالصمت العميق . وكأنما يأخذ بك إلى وادي الردى ، ويقفك على مصارع القرون ؛ وفي ذلك الوادي الذي لا يكاد يحده البصر ، يسبح خيالك مع الشخوص التي كانت تدب وتتحرك ، والحياة التي كانت تنبض وتمرح . والأماني والمشاعر التي كانت تحيا وتتطلع . . ثم إذا الصمت يخيم ، والموت يجثم ، وإذا الجثث والأشلاء والبلى والدمار ، لا نأمة . لا حس . لا حركة . لا صوت . . ( هل تحس منهم من أحد ? )انظر وتلفت ( هل تسمع لهم ركزا )تسمع وأنصت . ألا إنه السكون العميق والصمت الرهيب . وما من أحد إلا الواحد الحي الذي لا يموت .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا} (98)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسّ مِنْهُمْ مّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } .

يقول تعالى ذكره : وكثيرا أهلكنا يا محمد قبل قومك من مشركي قريش ، من قرن ، يعني من جماعة من الناس ، إذا سلكوا في خلافي وركوب معاصيّ مسلكهم ، هل تحس منهم من أحد : يقول : فهل تحسّ أنت منهم أحدا يا محمد ، فتراه وتعاينه أوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزا يقول : أو تسمع لهم صوتا ، بل بادوا وهلكوا ، وخَلَت منهم دورهم ، وأوحشت منهم منازلهم ، وصاروا إلى دار لا ينفعهم فيها إلا صالح من عمل قدّموه ، فكذلك قومك هؤلاء ، صائرون إلى ما صار إليه أولئك ، إن لم يُعاجلوا التوبة قبل الهلاك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : أوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزا قال : صوتا .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزّاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله : هَلْ تُحِسّ مِنْهُمْ مِنْ أحَدٍ أوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزا ؟ قال : هل ترى عينا ، أو تسمع صوتا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : هَلْ تُحِسّ مِنْهُمْ أحَدٍ أوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزا ؟ يقول : هل تسمع من صوت ، أو ترى من عين ؟ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : أوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزا يعني : صوتا .

حدثنا أبو كيب ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : رِكْز الناس : أصواتهم . قال أبو كريب : قال سفيان : هَلْ تُحِسّ مِنْهُمْ مِنْ أحَدٍ أوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزا ؟ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : هَلْ تُحِسّ مِنْهُمْ مِنْ أحَدٍ أوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزا قال : أو تسمَع لهم حِسّا . قال : والركز : الحس .

قال أبو جعفر : والركز في كلام العرب : الصوت الخفيّ ، كما قال الشاعر :

فَتَوَجّسَتْ ذِكْرَ الأنِيسِ فَراعَها *** عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأنِيسُ سقَامُها