معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَٰهُمۡ جَسَدٗا لَّا يَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَٰلِدِينَ} (8)

قوله تعالى : { وما جعلناهم } أي : الرسل ، { جسداً } ولم يقل أجساداً لأنه اسم الجنس { لا يأكلون الطعام } هذا رد لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام يقول لم نجعل الرسل ملائكةً بل جعلناهم بشراً يأكلون الطعام { وما كانوا خالدين } في الدنيا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَٰهُمۡ جَسَدٗا لَّا يَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَٰلِدِينَ} (8)

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَٰهُمۡ جَسَدٗا لَّا يَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَٰلِدِينَ} (8)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاّ يَأْكُلُونَ الطّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وما جعلنا الرسل الذين أرسلناهم من قبلك يا محمد إلى الأمم الماضية قبل أمتك ، جَسَدا لا يَأْكُلُونَ الطّعامَ يقول : لم نجعلهم ملائكة لا يأكلون الطعام ، ولكن جعلناهم أجسادا مثلك يأكلون الطعام . كما :

حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : وَما جَعَلْناهُمْ جَسَدا لا يَأْكُلُونَ الطّعام يقول : ما جعلناهم جسدا إلا ليأكلوا الطعام .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ومَا جَعَلْناهُمْ جَسَدا لا يَأْكُلُونَ الطّعامَ يقول : لم أجعلهم جسدا ليس فيهم أرواح لا يأكلون الطعام ، ولكن جعلناهم جسدا فيها أرواح يأكلون الطعام .

قال أبو جعفر : وقال وما جَعَلْنَاهُمْ جَسَدا فوحّد «الجسد » وجعله موحدا ، وهو من صفة الجماعة ، وإنما جاز ذلك لأن الجسد بمعنى المصدر ، كما يقال في الكلام : وما جعلناهم خَلْقا لا يأكلون .

وقوله : ومَا كانُوا خالِدِينَ يقول : ولا كانوا أربابا لا يموتون ولا يفنون ، ولكنهم كانوا بشرا أجسادا فماتوا وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قد أخبر الله عنهم : لَنْ نُؤْمنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعا . . . إلى قوله : أوْ تَأَتِيَ باللّهِ وَالمَلائِكَةِ قَبِيلاً قال الله تبارك وتعالى لهم : ما فعلنا ذلك بأحد قبلكم فنفعل بكم ، وإنما كنا نرسل إليهم رجالاً نوحي إليهم كما أرسلنا إليكم رسولاً نوحي إليه أمرنا ونهينا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ومَا كانُوا خالِدِينَ : أي لا بد لهم من الموت أن يموتوا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَٰهُمۡ جَسَدٗا لَّا يَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَٰلِدِينَ} (8)

وقوله تعالى : { وما جعلناهم جسداً } قيل الجسد من الأشياء يقع على ما لا يتغذى ، ومنه قوله تعالى : { عجلاً جسداً }{[8200]} [ الأعراف : 148 ] . فمعنى هذا ما جعلناهم أجساداً لا تتغذى ، وقيل الجسد يعم المتغذي وغير المتغذي . والمعنى ما جعلناهم أجساداً وجعلناهم مع ذلك لا يأكلون الطعام كالجمادات أو الملائكة ، ف { جعلناهم جسداً } على التأويل الأول منفي ، وعلى الثاني موجب ، والنفي واقع على صفته . وقوله تعالى : { لا يأكلون الطعام } كناية عن الحدث ، ثم نفى عنهم الخلد لأنه من صفات القديم وكل محدث فغير خالد في دار الدنيا .


[8200]:من الآية (88) من سورة (طه).